الوحدة 21-6-2020
(شجرة العُذر) هي عنوان الرواية التي نزلت جديداً إلى المكتبات مما يقارب الشهر للكاتب الأديب مصطفى جلعود وهي رواية أكثر من رائعة, أضاف فيها قلم مؤلفها ما اختزنته ذاكرته لمعاناة الأجداد من البؤس والصبر والحبّ, عن حياة مرّت لواقع له دلالاته وتأثيراته.
ويخبرنا الكاتب عن الرواية أكثر فيقول: (شجرة العذر) هي مجرى مستمر لتفاؤل متزايد متدّفق, انطلق من مستنقع آسن حوّله الصمود والعمل إلى نبع فوّار عذب.
تصور الرواية لشخصيات وأحداث واقعية عايشناها ونعايشها, يحبّها القارئ عندما يريد كاتبها, وأخرى يكرهها عندما يرغب يترجمها في حكايا بالغة التأثير بالقارئ والسامع على حدّ سواء.
هي رواية يلتزم فيها كاتبها بالوقوف الجريء ضدّ العبودية والإقطاع مستمدّاً قوته من صلابة بطلها الأوّل (محلّا) الذي تجاوز بصبر كل التوقعات، (محلّا) الذي زرع بذور الأمل, واحترام العمل, ورفض الذل والاضطهاد من أعماق من حوله.
كما تجسد الرواية من خلال مواقف بطلها الثاني (مختار) ما تعرض له من مواقف صعبة خلال حرب تشرين التحريرية, مشيراً من خلالها عن الصدق في تحمّل المسؤولية, والالتزام عند أولئك الذي عشقوا الوطن ودافعوا عن ترابه حتى الشهادة تمزج الرواية بين الواقع والخيال, لتجعل القارئ يحس بواقعيتها التي تصلح لكل زمان ومكان، ونختار هذا المقطع من الرواية:
(أبعد يدها عن وجهها, كانت ساخنة كجسد عصفور قبل الذبح, وأخذ يمسح دموعها بيده, فلم تعترض, بل أسندت رأسها على رأسه, وأخذت تأوهات صدرها واختلاجات قلبها تخترق أذنيه إلى نفسه وقلبه, ثم تهدّلت شفتها السفلى وذبلت عيناها وسمع لأول مرة أصواتها الداخلية تنمو بين يديه وتأتيه من تدّفق غائر).
مهى الشريقي