الكتّاب.. وعصا الشيخ

الوحدة: 15- 6- 2020

 

كانت عملية التعليم قديماً تقتصر على الشيخ الذي يتولى تعليم الصغار مبادئ القراءة والكتابة كما رواها الشيخ المعمر (أبو أحمد).

وقد كان انتشار هذه الكتاتيب بمبادرات فردية من الشيخ ينشئها بدافع الحبّ  لهؤلاء التلاميذ والكسب الحلال للمال.

وكان التلاميذ ينقسموا إلى أقسام وهناك صلة بين الشيخ والتلاميذ.

حيث يكون الانضباط للتلاميذ بمساعدة عصا ذات أطوال متعددة ينال بها الشيخ من التلاميذ القريبين والبعيدين بحيث لا يدع صبياً يخطئ من ضربه بعصاه وإذا صدف وإن اغتاله الصبر قام إليهم جميعاً وأعمل عصاه وبدون استثناء و إذا تحايل عليه أحد التلاميذ فيكون نصيبه (الفلقة) والفلقة هي عصا غليظة ثقبت من طرفها إلى الطرف الآخر ويكون نصيب المخطئ من التلاميذ أن ينهال بالضرب على قدمي الصبي بعصاه بمقدار الذنب الذي ارتكبه وإن الذاكرة قد احتفظت بصورة مؤثرة عن تلك الفلقة التي كانت السلاح الأمضى بيد- الشيخ ومع ذلك كان هناك وسائل أخرى لتأديب من يخرج عن طوع هذا الشيخ وأن الحياة بالنسبة لهؤلاء التلاميذ قديماً كانت مليئة بالصعوبات وذلك لعدم توافر أساليب التربية والتعليم الحديثة ووسائلها من فيسبوك واتصالات وغير ذلك.

وكان على الصبي أن يعيش مسلوب الإرادة والتفكير وإذا بدرت منه حركة أو ضجة فإن العصا تكون بانتظاره فضلاً عن الفلقة وقد كان التلميذ يصطحب معه إلى الكتّاب كيساً يعلقه من رقبته إلى تحت إبطه بدل من الشنتا في هذه الأيام ويضع بهذا الكيس حوائجه من لوح حجري وقلم الكتابة و زوادة طعامه وأحياناً كان والده يصطحبه  بهذه الحال ويكون الأب قد سلم الشيخ ذلك الصبي فيعامله كيفما شاء لتعليم القراءة والكتابة وحفظ  أو تلاوة القرآن الكريم ومن الجدير بالذكر أن الدوام بالكتّاب غير محدود فيه الوقت وإنما هو من الصباح حتى المساء فكان لابد من تزويد الصبي بطعامه.

وأما خدمة الكتّاب فيوزعها الشيخ على التلاميذ ليتفرغ لاستقبال أولياء التلاميذ ومراقبة كل صغيرة وكبيرة ويكون تواصل الشيخ مع أولياء التلاميذ أنفسهم  وذلك من خلال كلمات وجمل مبطنة يعرف بواسطته الأهل حال أولادهم بالكتّاب وإذا كان سلوك الصبي مع أهله سيئ فإنهم يطلبون إليه (أن يقول للشيخ أبي يسلم عليك وبقلك اربط الجدي بالعامود ومكنوا وانفض الحصيرة من الغبار تمام) بمعنى أن الصبي يلزمه العقوبة المناسبة حتى يتحسن سلوكه ويتأدب.

عواطف الكعدي

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار