الوحدة 11-6-2020
أيّتها الغافية على زنديَ الأيسر, اتركي هذي الأنفاسَ تُداعب أحلاميَ الكبرى, وأنتِ معي كلُّ حلمٍ يصبح حقيقة وتبقين حلماً يرفّ على الأهداب في غفوتي أو يقظتي, ومَنْ قال أنّ الحلم لا يزور إلاّ في المنام, وكيف لي أنْ أنام وأنتِ معي حقيقة أراها لا طيف منام, أنتِ يا صاحبة العينين الحالمتين بكلّ جميلٍ, هاتان العينان الّلتان كانتا للصّبح والّليل معاً عنوان, فيهما مستراح وفي مدارهما يُسافر قلبي كقاربٍ يُبحر في الأمداء, هما عينان أرى فيهما المدى وأُسافر وحيداً ولستُ أحتاج زاداً غير رفّةٍ من هدبيْكِ تقيني حرّ الحريق وشواظ اللهيب فتنطفئ نار الجوى بإغماضة عين وأسكن فيهما فأرى الفردوس الموعود.
أيا أحلاميَ التي ما زالتْ تُسافر كما الغيمة في الأرجاء, ها هو عُمري يمضي وأنا الواقف ها هنا لا أدري أين أنا, وتراني أسأل هل أنا ما زلتُ أنا أم أنّي أصبحتُ غير ما كنتُ وأنتِ معي؟ وكم هو جميلٌ أنْ أكتب قصيدةً مدادها من عينيكِ و قوافيها من مفاتنكِ التي تطوّع الشّعر والشعراء, فتصيرين محجّ العاشقين وقبلة القاصدين الشعر.
ويا أيّتها الدّروب التي حملتنا من منعطفٍ إلى منعطفٍ ومن سهلٍ إلى وعرٍ, ما أحيلاكِ وأنتِ تفسحين لنا الحياة فنخطّ العمر قصيدةً مكتوبةً تحكيها للأيّام, نقتات عليها في الأزمان ونسأل أنفسنا أين ما كتبناه وما رسمناه؟ وأين دفاترنا القديمة التي ما عادت تتسع ولو لكلمة, فدروبنا حبلى بكلّ جميلٍ, وعُمْرنا كما الغمام يُظلّلنا ويأخذنا إلى هذا المستراح حيناً وذاك حيناً آخر ليمدّنا بأسباب العيش وليكون سبباً من أسباب الجمال, فكلّ جميلٍ ما لم يُدرك ويُعاش ليس جميلاً.
جميلةٌ هي الدّروب التي كانت تنتظرنا لنملأها حبّاً وحياةً, ونُشبعها فرحاً, فتتزيّن بالعاشقين وتزدان كما قوس قزحٍ في سماءٍ أفسحتِ المجال للعصافير أنْ تخرج من أعشاشها بعد يوم مطير, وها نحن على الموعد واللقاء بمَنْ يجعل الطّريق رفيقاً لنا ومؤنساً يُبدّد وحشة الدّروب التي تشتاق العاشقين أنْ ينقشوا عليها حروف أبجديّة الحبّ الأولى, ليصبح شعار العاشقين: نحنُ والدّرب رفاق.
نعيم علي ميّا