الفنان التشكيلي محمد خليل: العملية الإبداعية تحرّض المتلقي للمشاركة

الوحدة: 4- 6- 2020

 

أعمال الفنان محمد خليل تضع المشاهد أمام فضاء رحب شاسع، إذ تتصل بالكثير من دروب الفعل الإبداعي على مستوى الشكل والمضمون عبر حبكة وصياغة فنية مميزة، تحكم أعماله جملة من المعايير أبرزها الحس الإنساني والفلسفي، فلوحاته تشد المتلقي ليقف طويلاً متأملاً يحاول أن يغوص في خفاياها، الفنان محمد خليل من مواليد طرطوس خريج كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام /1983/ أقام وشارك في الكثير من المعارض داخل وخارج القطر، له لوحة بعنوان هوية طرطوس في المركز الثقافي بطرطوس حائز على المركز الأول في مسابقة أرواد – لوحة بانورامية – عمل مدرساً للفنون في ليبيا وعمل أيضاً في التصميم الإعلاني وأغلفة الكتب، كذلك في رسوم سيناريوهات لمجلات الأطفال وفي الديكور المسرحي، كلف بدائرة المسرح المدرسي لمدة عشر سنوات وعمل موجهاً لمادة التربية الفنية.

الوحدة التقته وحول خصوصية لوحاته كان حوارنا الآتي..

* تدخل على لوحاتك عناصر مختلفة الكولاج مثلاً، لماذا اعتمادك على هذه الطريقة؟

إذا كان للوحة بعدان وسطح وخطوط وألوان فنحن نحتاج أثراً يأخذ المتلقي إلى ما نريد وعندما نضيف رملاً أو قماشاً أو خيشاً تحدث عند المتلقي سؤالاً ورؤى جديدة تأخذه بعيداً عن المألوف ليجد نفسه في المكان الذي قصده الفنان.

* إذاً اللامرئي هو غايتك من العمل الفني؟

اللامرئي من وجهة نظري هو أفكار ورؤى وخيالات تترك تأثيرها التحريضي على المتلقي فيحس بشيء منها عندما تبحثين في اللوحة تجدين فيها ما لا يجده غيرك تكتشفين أن هذا التحريض اللامرئي أثار عندك هذه الرؤى فشكليتها أنت إضافة إلى عمل الفنان من هنا تأتي العملية الإبداعية في تحريض المتلقي على المشاركة والفهم والإدراك للعمل الفني.

* حركة الخط عندك واضحة مع خلفية تشبه الكهف بوجود قضبان وكأنها سجن، هل تقصد النفس البشرية أم ماذا؟

غالباً العمل الفني عملية إبداعية معقدة يصعب تحليل مفردات اللوحة، وأحياناً يفسدها بدليل أن اللوحة يشرحها الفنان بعدة طرق لعدد من الناس وكأنه ينسج قصته حول هذا العمل ويقرب من ذهنية المتلقي أو يريد تعبيراً يهتم به المتلقي، وهذه اللوحة التي ذكرتيها لا أضيف على ما رأيت من رسوم في كهف وقضبان من زجاج وروح امرأة مرسومة بالخط تأتي من أعماق التاريخ لتخرج عن سطح اللوحة وكأنها مخلوق أثيري ولو سألتيني غداً عن اللوحة لأضفت شيئاً ونسيت شيئاً مما ذكرت.

* من يغوص في لوحاتك يرى أبعاداً فلسفية في مضمونها، فماذا تقول في هذا الكلام؟

نعم إذا كنت تقصدين بالفلسفة بحثاً عن حقيقة ما، فأنا أضم صوتي إليك فالحقيقة عند الفنان هي ناتج تحليل وتركيب مفردات بصرية وذاكرة وثقافة وما يدور في النفس البشرية الغامض منها والظاهر لتأتي اللوحة معبرة عن رؤية ومعرفة الفنان وإن كان هناك خيط ضعيف من التفاهم بين الفنان والمتلقي العادي.

 

* بالمقابل كيف تحاول تبسيط اللوحة للمتلقي خاصة أن الرسم من الفنون الغامضة؟

إن اللوحة كالنغمة الموسيقية أحياناً لا تحتاج لتفسير تمتع دون تفسير وإن كانت تحمل موضوعاً فهناك الخط والتكوين واللون هو ما يشرح الموضوع من تلقاء ذاته لكن لابد للمتلقي من ثقافة بصرية وتجربة جمالية وكلما زادت مطالعته في هذين المجالين كلما قرأ بطريقته بشكل أجمل من أي تفسير لأي فنان.

* برأيك كيف السبيل لإقامة جسر التواصل بين اللوحة الفنية والمتلقي؟

قطعاً إن الفنون الراقية بما فيها الفنون الجميلة تزدهر في مجتمعات متحضرة ذات إمكانيات مادية جيدة ربما إذا أخذت الثقافة دوراً استثمارياً كما هي التربية في خلق مجتمع متكامل ناضج تربوياً وثقافياً وجمالياً ومادياً من خلال تعاون شرائح المجتمع وديمقراطية الطرح.

* وما دور الفن في حياة الأمم؟

عبر الزمان كان للفنانين الدور القيادي والابتكار لعدة أنشطة وتجميل حياة الأفراد عبر إبداعاتهم المنوعة في العمارة والنحت والتصوير وغيرها وكانوا سجلاً تاريخياً صادقاً للنشاطات التي عاشوها في زمانهم وتطور الحضارة فيها.

* وكيف ترى دور الفن في الأزمنة في سورية؟

إن حساسية الفنان وخوفه كثف التحريض لديه ووسع باب الأمل بالفرج القريب من خلال رؤيته لهذا الثمن الباهظ من الشهداء لرفع راية البلد فنرى اللون والشكل والأرض قد التصقوا في المشكلة وزهر بالأبيض والأحمر أملاً بالخروج من الأزمة فكان النصر المؤزر.

* وماذا عن المتلقي: المواطن السوري؟

في ظل هذه الأزمة والحرب الكونية على بلادنا وتغير الثقافات ومصادرها أثبت المواطن السوري أصالته وميّز بين الغث والثمين وبين الإجرام والجهاد والإرهاب لقد حدد المواطن السوري الشريف موقفه من كل ذلك، وأثبت نضجه الوطني وأصالته المتجذرة في التاريخ، وَقَبِل التحدي وقدّم الشهداء وتمسك بالوطن إيماناً منه بالنصر المؤزر ولقضاياه في وجه الطغاة الغربيين والصهيوالأمريكية وأدواتهم من الغربان معتمداً على حكمة القيادة السورية وبسالة حماة الديار والدفاع الوطني للزود عن تراب وأمن البلاد.

رفيدة يونس أحمد

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار