الوحدة: 1- 6- 2020
تلال بيادرنا صغيرة ولا تكاد تعلو كثيراً عن الأرض..
لماذا بيادر (الآغاوات والخواجات) تبدو من البعيد وكأنها جبال عالية؟
سنابل قمحنا فقيرة وقليلة, وسنابل قمحهم مكتنزة وكثيرة؟
وفي اليوم الذي يلي إغلاق المدارس أبوابها، نعود للرعي والسباحة في النهر الكبير, واللهو بين الغابات, وعلى السفوح, وفي الوديان.. لا مكان يعتب علينا إلا وتطؤه أقدامنا، أغلبنا يسرح بأقدام حافية، لم ننسَ عادة رعي الأعشاب… الأعشاب التي كنا نرعى منها يبست، ماتت من لهيب حزيران وتموز، جفت السواقي الصغيرة، وقلّت مياه العين، تساقطت ثمار الزعرور، والبرقوق, وتعرى الشجر.
و(العرموط) البري, الذي نتسابق إلى التقاط ثماره, والتهامها بشهية وعلى عجل.
رحل الصيف, وجاء الخريف، وفتحت المدارس أبوابها، وعدنا إلى درب الشمال, والسير صباحاً إلى ثانوية الشمال، نقطع الدرب الواصل بين زهرة الريح والشمال, عبر الوديان والنهر والسهول, وما بين التلال، تتكرر رحلة التعب صباح مساء، وعندما نلتقي في الأيام الأولى للمدرسة تتجدد الذكريات عن الصيف وحلاوته، تتشابه الذكريات عن الرعي والعمل في الأرض, ومساعدة الأهل على نقل أغمار القمح, ودرْسها على البيادر..
آه! يا حجارة الدروب كم أكلت من كعوب أقدامنا حتى حصلنا على الشهادة الثانوية التي كنا نظن أن الحصول عليها سيفتح لنا أبواب الارتقاء, وهزيمة الفقر؟..
لم نهنأ بفرحة العمر الكبرى كثيراً (الشهادة الثانوية) كما كنا نظن!.
بعثرتنا الأيام, وشتتنا العوز للعمل والدراسة في البعيد.. البعيد.. في الشام؟. توزعتنا شعاب العيش, التي ما تزال سالكة إلى اليوم, وبصعوبة وقهر.
بديع صقور