الوحدة: 1-6-2020
أطلقتُ نداءاتي في المدى، فجاءني الصدى عطشاً مثلما يعطش للندى المرعى، وأنا كسّرني الرحيل وظلّ ظلّي يخاصم ظلّي، فخبّأت صوتي في راحتي، وفررتُ إلى ذاكرتي أستنهض فيها ضلوع الفجر، رفّت نحلةٌ حول وجهي، ظنّت حالمة أنّ وجهي يشبه زهرةً فوّاحة، وأنّها أرادت الرحيق، آه.. ما أصعب الخيبة حين تلاطم أحلامك، وتتشابك وخاصرتك؟
×××
حين كلّمتها.. رجوتها أن تختصر نعاسها، كي تمرّ أغنيتي ملفوفةً بمناديل الحداد، كان كلّ ما حولي يحبس أنفاسه، وحين أطلّ القرنفل بكتْ قطرةٌ من دمي، استيقظ بي حنيني، وراح ينثر بوحه المرتعش فوق أرصفة العزلة، ورأيت أيّامي تتعرّى من زرقتها، وحلمي راح يتبعثر بظلاله.
×××
على شرفتي يتثاءب الغمام، وثمة مركبٌ للحنين أعياه الانتظار، فرحتُ أرتّب أوراق ضياعي وقد نزفت حقائبي من غربتها، وأخذت أنفاسي الهرمة تتصاعد عابرةً دروباً من هجير.
×××
على قارعة الليل شاخ صبري بين ضلوعي، فعدوتُ ألملم أوجاعي وأفرشها على مدارج اللهفة كانت دروبي كانت كلها مسيجة بالصمت ولا شغلٌ ليديّ إلا مسح الحزن عن جبيني، والتوغل في ظلال النسيان.
×××
في الطريق إليكِ خطف المجهول خطواتي واحترقت زرقة المسافات، وكان ثمّة ضبابٌ يلتحف لهاثي، وخيّل إليّ وكأنني أهيم في وحشةٍ من عراء، فأودعت قلقي نوافذ الغروب وألبسته عباءة المغيب، ورأيتني أترنّح عبر الضجيج، فافترشت غلالةً شجيّةً النهدات، وبدأ الشوق ينتشر كالفطر عميقاً في صدري، وسرت في جسدي رعدةُ كدرٍ كانت مدفونة طيّ أحزاني.
×××
أحسسْت بالزمن يعريّ ذاته، ويرسل إليّ الصورة الأكثر نقاءً من بقايا طفولتي، وطوّقني سقسقة (جب الفوار) ورقرقة ساقية (ياسين).
سيف الدين راعي