المتحف الوطني في اللاذقية… تاريخ يعانق الحاضر


 

تتميز محافظة اللاذقية بعدد من الأماكن السياحية والتاريخية التي لها من العراقة التاريخية النصيب الكبير، ومن هذه الأماكن المتحف الوطني ذات البناء الأنيق بحجارته وشكل بنائه ذي المعالم التاريخية التي ما زالت تنبض بالحياة حتى يومنا هذا، وللحديث عنه أكثر التقينا مدير الآثار والمتاحف في اللاذقية إبراهيم خير بك الذي حدثنا عنه بإسهاب…

خان الدخان أو دار المندوبية

في اللاذقية بناء أثري في غاية الروعة، لم يكترث به أحد قبل عام 1978، بل يمكن القول أن جميع الذي يهتمون بأوابد الماضي كانوا يجهلونه تماماً، فالرحالة الأجانب الذين زاروا قطرنا خلال القرنين الأخيرين لم يأتوا على ذكره، بينما يتحدثون عن مخلفات العصور القديمة الموجودة في مدينتنا، ولاسيما الرومانية منها، كما أنه لم يلفت انتباه العلماء الذين قاموا بدراسة آثار اللاذقية، وحتى المديرية العامة للآثار والمتاحف لم تسجله حتى الآن بين المباني الأثرية.

ينتصب هذا البناء في مكان بارز من المدينة ليس ببعيد عن البحر، وهو يحتل القسم الجنوبي من عقار (3)، تبلغ مساحته 11975متراً مربعاً، ويحده من الشمال شارع عدنان المالكي، ومن الغرب شارع الأندلس، ومن الجنوب شارع القدس، ولما كانت الدار التي أقيمت فيما بعد على زاوية البناء الجنوبية الغربية قد أصبحت في عهد الانتداب منزل المندوب الفرنسي اعتاد أبناء اللاذقية أن يطلقوا على العقار بكامله، بما يتضمنه من أبنية مختلفة ومن حدائق اسم (المندوبية).

يبلغ طول البناء الأثري 60متراً وعرضه 45 متراً، مع العلم أن المساحة المبنية منه لا تتجاوز 2056 متراً مربعاً، إذ تتوسطه ساحة داخلية طولها 28متراً وعرضها 23 متراً.

 إن ما نراه اليوم من هذا البناء يشكل الطابق الأرضي، ولا شك أنه كان يحتوي في الأصل على طابق علوي، أما الطابق الأرضي فهو عبارة عن عدد من الأروقة، ومجموعة من القاعات الفسيحة، يبدو أنها كانت مستودعات.

معظم الجدران قد أزيلت، غير أن المدماك الأول من بعضها لا يزال ظاهراً، لذلك بات من الصعب اليوم أن نعرف إذا كانت الأجنحة يشكل كل منها مستودعاً واحداً أو أكثر، فالبناء بوضعه الحالي يتألف بمعظمه من دعائم ضخمة ومربعة يتراوح ضلعها بين 140 و100 سم، تحمل سقوفاً معقودة، وكلها مبنية بالحجر الرملي المستعمل حتى اليوم في اللاذقية، أما العقود فتكون تارة متقاطعة أي على شكل قبو متصالب الروافد، وتارة زاوية الرأس، وتارة تجمع بين الطريقتين، وتبدو كل العقود من الساحة ومن الخارج على شكل أقواس زاوية الرأس، وكل هذه المنشآت موزعة على شكل مستطيل حول الساحة الداخلية.

للبناء مدخلان، الأول ينفتح في الواجهة الشمالية حيث توجد قاعة يزين غلق عقدها حجر يحمل بعض النقوش، وفي جدارها الشرقي باب ينفتح على سلم حجري مؤلف من 22 درجة، ومبني ضمن الجدار، تتقدمه فسحة صغيرة مربعة، يعلوها عقد جميل مزين بحجر منقوش، أما السلم فمسقوف بعقد ذي مقطع نصف دائري، يبدو أن هذا المدخل الشمالي كان مخصصاً لإدخال البضائع الآتية من المناطق الجبلية والتي كانت تعبر المدنية، كما أن السلم كان يسمح للتجار وموظفيهم عند وصولهم من المدينة أن يصعدوا إلى المكاتب الموجودة في الطابق العلوي، وقاعة المدخل هذه متصلة بقاعة أخرى تطل على الساحة الداخلية، تظهر بئر في إحدى زواياها، ونرى في العقد الذي يعلوها فتحة، مما يدل على أن مياهها كان يستعملها أيضاً الذين يشغلون الطابق العلوي، أما المدخل الثاني فنراه في القسم الجنوبي من الواجهة الغربية، ومنه تخرج البضائع المهيأة للشحن فتنقل إلى المرفأ وهو في هذا الاتجاه، وهنا نجد سلماً شبيهاً بسلم الواجهة الشمالية، ومنه كان ينزل التجار وموظفوهم من الطابق العلوي للتوجه نحو المرفأ عندما تقتضي أعمالهم ذلك ولاسيما عند تحميل البضائع على الباخرة.

على يمين المدخل الشمالي وعلى يساره ثلاث قاعات كانت غالباً مكاتب للموظفين المسؤولين عن استلام البضائع والكشف عنها وعن محاسبة الذين جاؤوا بها، وهذه الغرف الثلاث تنفذ بواسطة أبواب لطيفة إلى رواق أو دهليز ربما كان يستعمل لتوزيع البضائع الواردة على المستودعات المختلفة، أما الجناح الشرقي فيبدو اليوم كرواق طويل وكان يؤلف في الماضي مستودعاً كبيراً واحداً أو أكثر لتخزين البضائع الواردة، أما الجناح الغربي فيشكل اليوم صفين من العقود، الأول يطل على الخارج والثاني على الساحة الداخلية، لا ندري ما إذا كان يؤلف في الماضي مستودعاً واحداً أو أكثر، وربما كان قاعة فسيحة يقوم العمال فيها بتوضيب البضاعة الواردة أو كان هذا الجناح، عند الحاجة، يستعمل أيضاً كلياً أو جزئيّاً للتخزين، أما الجناح الجنوبي فيتضمن خمسة مستودعات فسيحة محفوظة بحالة جيدة مع كل جدرانها وأبوابها ونوافذها، وفيها كانت توضع البضائع الجاهزة للتصدير عند الشحن كانت تخرج منها وتنقل مروراً برواق طويل إلى المدخل الغربي الجنوبي لتوجه نحو المرفأ.

ليس من السهل معرفة الوضع القديم للأبنية التي تظهر في الزاوية الغربية الجنوبية من الساحة، وذلك بسبب إنشاءات الطابق الأرضي من (المندوبية) فلا ندري ما إذا كانت العقود والدعائم التي نراها اليوم تعود إلى البناء القديم أو أنها أضيفت إليه فيما بعد.

يمتاز هذا البناء بضخامته ومتانته وحسن هندسته وتناسب عناصره العمرانية وتوزيع أجنحته المختلفة بشكل يتفق مع احتياجات العمل فيه، زد على ذلك أن عقوده ودعائمه بأناقتها ورونقها تجعل منه احمل بناء أثري في عصره في اللاذقية. تاريخه

يروي لنا الياس صالح أن تجارة التبغ في اللاذقية كانت خلال القرن الثامن عشر محصورة في شركة أسسها كبار التجار وكان مركز الشركة في خان الأسكلة أي حي المرفأ وكانت تجمع فيه كل حاصلات التبغ تحت إدارة نظارها ووكلائها وكتابها ولهذا دعي خان الدخان، أما قاعاته فتتوزع على الشكل التالي:

القاعة الأولى: تضم آثار الشرق القديم (رأس شمرا – أوغاريت).

القاعة الثانية: وتضم آثار الشرق القديم (رأس ابن هاني – تل سوكاس).

القاعة الثالثة: الآثار الكلاسيكية الخاصة بمحافظة اللاذقية.

القاعة الرابعة: تضم الآثار الإسلامية.

القاعة الخامسة: وتضم الفن الحديث.

ويضم أيضاً المتحف مجموعة من المستودعات والأروقة المعقودة الجميلة تتوسطها باحة مستطيلة ويعود بناؤه على الأغلب للقرن السابع عشر، وقد أصبح مقر المتحف الوطني لمدينة اللاذقية الذي دشن بتاريخ 19 نيسان 1986 م، أما المنزل الأنيق الذي يقوم في الزاوية الجنوبية من الخان فقد بني في سنة 1905 م، وقد أصبح في عهد الانتداب منزل الحاكم الفرنسي حيث كان معروفاً بدار (المندوبية) وما يحيط به من حدائق ملك للدولة الفرنسية وقد ابتاعته بلدية اللاذقية عام 1978 ينتصب هذا البناء في مكان بارز من المدينة ليس ببعيد عن البحر يمتاز بضخامته ومتانته, وحسن هندسته، وتناسب عناصره المعمارية وتوزيع أجنحته المختلفة بشكل يتفق مع احتياجات العمل فيه، زد على ذلك أن عقوده ودعائمه بأناقتها ورونقها تجعل منه أجمل بناء أثري في عصره في اللاذقية يتحلى هذا البناء الأثري بمزايا عديدة من الناحية السياحية فبالإضافة إلى روعته وعظمته ينتصب على طرف حديقة من أجمل حدائق القطر، وهو يطل على شارع تقوم على جانبه معظم الفنادق والمطاعم والمقاهي، وهذا الشارع متصل بباب المرفأ الرئيسي.

أميرة منصور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار
إصابة ثمانية أشخاص وأضرار مادية جراء عدوان إسرائيلي استهدف معبر مطربا على الحدود مع لبنان لتقديم الخدمات المصرفية… المركزي يوعز للمصارف وشركات الصرافة بالتوجه إلى المعابر الحدودية مع لبنان الحرارة إلى ارتفاع غداً وأجواء معتدلة على المرتفعات الجبلية ليلاً تفويض وزيري دولة بممارسة صلاحيات واختصاصات الوزير المختص التي يمارسها رئيس مجلس الوزراء الخارجية: عدوان الاحتلال على المنطقة يعكس استمرارية العقلية الإجرامية لديه واستهتاره بالقانون الدولي الوزير صباغ يبحث في نيويورك مع عدد من نظرائه التعاون الثنائي والتصعيد الإسرائيلي في المنطقة وزيرة العمل: ضرورة جهوزية مديريات الشؤون في المحافظات المعنية لاستقبال الوافدين من لبنان المؤسسة العامة لإكثار البذار تحدد سعر مبيع بذار الشعير للفلاحين الوزير صباغ: عدم اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء لردع الاحتلال الإسرائيلي شجعه على تصعيد عدوانه على الشعب ... المقاومة اللبنانية تستهدف مجمعات الصناعات ‏العسكرية في منطقة ‏زوفولون شمال حيفا المحتلة