الفطام… وأهمية التثقيف الصحي للأمهات

الوحدة 20-5-2020

تعد الأم مصدر سعادة الطفل، فحجم العطاء والحب والحنان الذي تقدمه لطفلها من أهم عوامل استقراره النفسي والجسدي، ومما لاشك أن الأم تناضل ما بوسعها بهدف الحفاظ على طفلها، والذي ابتسامة منه في محط عينيها تعادل العالم بأسره، إلا أن التعامل مع الطفل في مختلف المراحل العمرية التي يمر بها يحتاج إلى ثقافة وإلمام من قبل الأم بعالم الطفل كي تستطيع تجاوز جميع المراحل التي يمر فيها طفلها بنجاح وهنا يمكن لفت الانتباه إلى خطورة الأساليب الخاطئة من قبل الأمهات في التعامل مع أطفالهن وخاصة في المرحلة الأولى من العمر والتي تعتبر الأساسية في تكوينهم الجسدي والنفسي ونخص بالذكر هنا موضوع الفطام والذي هو محور بحثنا لما له من تأثير سلبي على الطفل في حال فطامه بأساليب وطرق مغلوطة بعيدة عن ثقافة التعامل مع الطفل والتي يمكن اكتسابها من خلال استشارة الأطباء المختصين وذوي الخبرة مسبقا” وذلك بهدف بناء شخصية الطفل بالطرق السليمة،

ولابد من الإشارة إلى أهمية حليب الأم في تغذية الطفل والذي يعد أفضل من أي حليب صناعي لاحتوائه على معظم عناصر الغذاء إلا أنه من الملاحظ في الآونة الأخيرة اعتماد عدد كبير من الأمهات على الحليب الصناعي، وفطام أطفالهن خلال مدة قصيرة لا تتجاوز عدة أشهر أوسنة وربما عدم إرضاعهن مطلقاً لأسباب متعلقة بتركيبة أجسامهن الصحية أو أسباب أخرى تشير إلى سذاجتهن وقلة إدراكهن.

ميساء أم لطفل بعمر6 أشهر تقول أنها حزينة جداً على طفلها الذي يرفض بأي طريقة تناول حليبها معترفة بأنها هي السبب بذلك عندما عودت طفلها على (الرضاعة الزجاجية) بوقت باكر ومع التراجع المستمر لوزنه وعدم تقبله أي نوع من الوجبات الغذائية التي تناسب عمره بدأت معاناتها في البحث عن أي طريقة تمكنها من إعادته للرضاعة الطبيعية والتي أدركت أهميتها لحياة طفلها بوقت متأخر فما كان لها إلا زيارة الطبيب للحصول على الإرشادات والنصائح التي قد تساعدها في تحسين وضع طفلها الصحي مؤكدة أن الطبيب نصحها سابقاً بعدم تعويد طفلها على الرضاعة الزجاجية لكنها لم تدرك قيمة هذه النصيحة إلا بعد فوات الأوان.

أم محمد تقول: أنصح جميع الأمهات بإرضاع أطفالهن لمدة عامين واتباع الطرق الصحيحة في فطامهم بعد استشارة ذوي الخبرة وتؤكد أم محمد على أهمية بقاء الأم إلى جانب طفلها معظم الوقت ومنحه الحب بالإضافة لتعاون بقية الأسرة من الأب والإخوة والجد والجدة وتضيف أم محمد: أتمنى من جميع الأمهات ألا يكررن خطأي الذي ارتكبته فأنا لدي 6 أولاد وقد أرضعتهم جميها لمدة عامين كاملين إلا أن خطأي كان في مرحلة فطام ابنتي الصغرى مريم والتي فضلت إبقاءها عند جدتها لمدة شهر كي أتمكن من فطامها لكن الكارثة كانت عندما قدمت لمنزل أمي بهدف إعادة مريم للبيت لم تتقبلني نهائياً كأنني غريبة بل وهربت مختبئة في حضن جدتها كم قطع قلبي هذا الموقف وحتى الآن وقد أصبحت مريم شابة ألحظ بأن تعلقها ولهفتها لجدتها يفوق تعلقها بي وقد فهمت لاحقاً أن طريقتي بفطام ابنتي كانت خاطئة.

صباح كامل ونوس دكتورة أخصائية في طب الأسرة ونائب رئيس رابطة طب الأسرة في سورية توضح أنه في الستة أشهر الأولى من حياة الطفل لا يمكن تشكل أضداد تقيه من الأمراض وهنا يأتي دور حليب الأم الذي يمده بالمناعة مشيرة إلى أن الدراسات والأبحاث العلمية والطبية أثبتت أن حليب الأم أفضل من أي حليب صناعي لاحتوائه على معظم العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل الطبيعي وتساعده في نموه وتطوره منوهة الى الربط العاطفي الشديد بين الأم والطفل والأحاسيس الرائعة التي تحسها الأم أثناء الرضاعة وكمية الحنان التي يتلقاها الطفل من حضن أمه وتضيف الدكتورة ونوس: هناك كثير من النساء يتوقفن عن رضاعة أطفالهن بسبب الخوف من ترهل أجسادهن وتراجع في أنوثتهن إلا أن هذه الأفكار خاطئة، فالرضاعة مفيدة للأم أيضاً إذ تقيها من كثير من الأمراض أهمها سرطان الثدي إضافة الى أن الثدي يستعيد شكله الطبيعي بعد الفطام مشددة على أن الأمومة أولى بكثير من نظرة الأنوثة الناقصة، فالرضاعة حق كل طفل وواجب كل أم.

وعن النساء اللواتي لا تكفين أطفالهن من الحليب لأسباب عضوية لديهن تقول الدكتورة صباح: يجب عليهن مواصلة الإرضاع لو كانت الكميات قليلة إضافة للدعم الغذائي الجانبي اللازم بالتوازن مع الإرضاع الصناعي وبالنسبة للفطام يجب أن يكون تدريجياً كتخفيض عدد الرضعات مع تعويضها إلى أن تصل لمرحلة تتوقف فيها الأم عن الرضاعة وهنا من الضروري بقاء الطفل مع أمه كي لا يفقد الحنان مع فقدانه للحليب إضافة لضرورة الحفاظ على سويته النفسية مع محاولة شغل الطفل بألعاب وأشياء يحبها قدر الإمكان.

وتحذر الدكتورة ونوس من لجوء بعض الأمهات لطرق منفرة وخاطئة من أجل فطام أطفالهن كاستخدام الحار والمالح وغيره بهدف إتمام الفطام خلال وقت قصير إلا أن هذه الطرق خاطئة ومضرة بالطفل مضيفة إلى أن من أصعب أنواع الأذى النفسي للطفل هو أن تضعف الأم وتعيد إرضاعه بعد الفطام.

وتوضح الدكتورة صباح أن العيادات النسائية في المراكز الصحية تقوم بدورها كامل فيما يخص موضوع التثقيف الصحي للأمهات، وفي حال الجهل في كيفية التعامل مع الطفل من قبل بعضهن فهذا يعود لإهمالهن وعدم اكتراثهن.

من الصعب تقدير مدى تعلق الطفل بأمه وكذلك الأمر الأم بطفلها، فالرابط القوي الذي بينهما يفوق حجم التصور وكون الطفل مخلوقاً صغيراً بريئاً لا يدرك ما حوله ولا يفقه بلغة إلا لغة العطاء التي لقنته وغذته بها أمه، فهنا لابد من تدارك خطورة الفقد والحرمان المفاجئ لكل ما يسعد الطفل فكيف إن كان الأمر حليب أمه وهنا يتوجب على جميع النساء الأمهات أن تستوعبن عالم الطفل وتدركن وتتفهمن جيداً مدى قساوة الفطام بالنسبة لأطفالهن لذا يجب عليهن تثقيف أنفسهن واكتساب الخبرة والمعرفة حول كيفية التعامل مع أطفالهن في كل مراحل الحياة وبالتالي تدارك الوقوع في أي خطأ قد يؤذي أطفالهن دون قصد.

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار