النيكوتين يسبب إدماناً فيزيولوجياً

الوحدة : 17-5-2020

 لا يولى اعتياد التدخين الاهتمام الواجب كما هو في حالة اعتياد أو إدمان المخدرات والمنبهات، وربما لأن النيكوتين الذي يحتويه هو أقل المنبهات ضرراً على المدخن، أو أنه أخفها ضرراً من الناحية النفسية، إن لم يكن معدوم  الضرر، فقد يدخن المدمن ثلاث أو أربع علب يومياً، سنة بعد سنة، وقد يشيخ ويتجاوز الستين والسبعين، ولا يبدو أن للتدخين تأثيراً في ذاكرته، أو أن أياً من وظائفه العقلية قد تدهورت بسببه، إلا أن احتمال بلوغه الستين أو السبعين مع إدمان التدخين قد يكون ضعيفاً نظراً لما للتدخين من أخطار فيزيولوجية، وقد ثبت إن إدمان التدخين يضر بالقلب ويتسبب في سرطان الرئة والفم، وغير ذلك من الأمراض الخطيرة، وثبت أن نسبة الوفاة عند المدخن لأقل من علبة سجائر يومية ضعف نسبتها عند غير المدخنين سبع مرات.

 ويرى بعض الباحثين أن التدخين منبه للجهاز العصبي المركزي وأن النيكوتين يسبب إدماناً فيزيولوجياً ويرى آخرون أنه يسبب اعتياداً نفسياً وإن كانت محصلته النفسية ليست سوى إحساس لطيف بالاسترخاء وسواء كان ما يسببه  إدماناً أو اعتياداً فإن الإقبال عليه ظاهرة لا يستهان بها وينبغي التوافر على دراستها بما تستحقه بالنظر إلى تفشي التدخين في مختلف الأوساط الاجتماعية.

 ويبدو أن الجميع عاجزون عن الإقلاع عن هذه العادة المقيتة ولربما كان سيمفوند فرويد مثلاً يمكن أن نسوقه في هذا المجال فلقد كان هذا العالم الجليل يعرف أن تدخينه عشرون سيجاراً يومياً من شأنه أن يضعف قلبه ويعرضه للإصابة بالسرطان بعد أن استشرى في خده وعاش فرويد حتى سن الثالثة والثمانين وما حدث لفرويد يحدث لغيره من ملايين المدخنين، اقتناع مؤقت ثم العودة إليه وهكذا دواليك.

 وكان مارك توين الروائي المشهور يقول: ما أسهل الامتناع عن التدخين إلا أنه في كل مرة يعود إليه بعد فترة ويبدو أن المعاودة تكون دائماً بتأثير الضغوط الانفعالية لكن كذلك لا يعني دائماً ألا ينجح أحدهم في الاقلاع عن التدخين إلا هذه الحالات نادرة وعلى الرغم من التبرم الاجتماعي العام بالتدخين وبالمدخنين، فإن عدد المدخنين لم يتناقص إن لم يكن في ازدياد ولا تزال المشكلة تتطلب الدراسة والحلول ولا شك أن التدخين وسيلة لتصريف التوترات الانفعالية ولربما يستخدمه بعض الناس كإشباع بديل لحاجات انفعالية شتى.

وقد تفرض الحالة الصحية للمدخن أن يطلب منه طبيبه الإقلاع عن التدخين ولكن على الطبيب أن يعلم أن الإقلاع عن التدخين عند المريض قد يسبب حالة عصابية وأنه قد تتكون عنده أعراض جديدة وعدم استقرار أو أن يحلم  بكوابيس  موضوعها الجوع وأمراض المعدة وقد يصاب بالاكتئاب ويفكر في الانتحار.

 يجب على الطبيب أن يحيط بالبناء الانفعالي للمريض واتجاهاته قبل أن ينصحه بالإقلاع عن التدخين أو أن يصف له ما يعوضه عنه ويوفر له الاسترخاء ويخفف توتره.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار