الوحدة 14-5-2020
إن كل مبدع في هذه الحياة له حكايته الخاصة التي لها دورها في نمو موهبته، ورعايتها وصقلها، حتى الوصول إلى بر الإبداع، والشاعرة رولا خليل التي امتلكت القدرة على التعبير بأسلوب أخاذ مفعم بالعذوبة والشفافية، هي واحدة من هؤلاء المبدعين، فلنستمع إليها وهي تحدثنا عن بداياتها، إذ تقول: المقربون يعرفون نهمي للمطالعة، والتشجيع على الكتابة من قِبَل خالي الكبير رحمه الله، كان مستمراً حتى قبيل وفاته بعهد قريب وبما أن لكل أمر شرارة للبدء بإشعال الحرائق والانصهار مع خطوط الورق، أو ما ناب عنه الصفحة الالكترونية، في محاولات لسكب ما تعتمره النفس ومشاركته الآخرين فيعود إلى أنني لا أعرف إن كنتُ شاعرة، الأمر الذي أعرفه أنني عشقت التعبير منذ نعومة أظفاري، لاحقتُ الإنشاء، واجتهدتُ في مدرستي على كتابة وتقليد كل صورة لكل كاتب كنتُ أقرأ له، وبشهادة معلماتي وأهلي فقد كنتُ الأسرع في صفي بأي موضوع يعطى لي، وهذا ما جعل كبير أخوالي يلح عليّ وخصوصاً بعد دراستي للأدب العربي بالكتابة، والنشر إن أمكن، لكن إحساسي بأن الوقت لم يحن لازمني حتى عامي المنصرم.
ثم تضيف الشاعرة: تطورت الكثير من الأمور منها أساليب التواصل الاجتماعي، فالتكنولوجيا جعلت من العالم حارة صغيرة، وامتدت لتفتح الآفاق للقراءة والكتابة، وبما أن لدي الكثير من الأصدقاء، ومنهم شعراء وأدباء وأحدهم ابن خالتي، فقد مارستُ هوايتي التعبيرية في التعليق لهم بمقتطفات تحاكي بعضاً من بوحهم، مما لفت نظر شاعر عائلتي، وبدأ بتشجيعي لأكتب الشعر، في البداية بمنشورات صغيرة على الفيس، وقراءة بعض ما أكتب لأصدقائي لمعرفتي أن الشعر تحديداً لا يتعمد، بل هو ذخيرة وفيض لا شعوري، ولكن إيمانه بأنني أملك ملكة الشعر جعله لا يتهاون معي، ويصر على دفعي.
ثم تتابع قائلة: وبعد أن كانت هدأت لهفة التأليف، أو محاولة اعتناق والاتحاد مع نار الكتابة ونورها، أعاد إضرام تلك الرغبة، ويبدو أن للقدر أيضاً دوره في دفع عجلة الجذب، فكانت نقطة التحول عندما تعرفتُ وعن طريق النت على السيد مخلوف مخلوف، الذي ضمني إلى مجموعة أوتار الشعرية، وعمل على دعمي وتشجيعي، وفي هذا الجو الصادق والحميم لمجموعته وما تضمه من نخبة أوتار تصدح بمختلف ألوان الشعر، وجدتُ نفسي أمضي في هذا العالم السحري، وابن خالتي الشاعر عبد الكريم شعبان يقول: إنني أتحسن يوماً بعد يوم، أما أنا فأرى الدرب ما زال في أوله، والكثير لم أستطع صوغه، وأعجز عنه، ورغم ما يعتمر بداخلي إلا أنني سعيدة بمشاركتي المتواضعة، بل لن أجد سعادة أبلغ، فالكلمة أعطتني المزيد من الأحبة، وأهدتني أسرة ثانية، والأهم أنها وضعتني أمام ذاتي أتلمس مكنوناتها، وأتعرف عليها أكثر.
وفي النهاية ختمت حديثها الشاعرة بهذا النص الذي تقول فيه:
العتب لي….. ولي الصد
وله دون عينيه
قاب قوسين الرجاء والود
يجور فألزم الصمت
خوفاً من اتهامي أنني أعترض
فكيف لهذا الينبوع بعد حب
وأنى له بالنور يعتقد
ضل الخروج عن حدود ما زعموا
وظل في قلب الأرض ينتحب
وأرفع لقاضي فؤادي
فيحكم أن له العتبى حتى
يرضى… وعلي الحد
فأنكفئ.. أعد أوراق الورد
ويخطئني العد.
د. رفيف هلال