عمى البصيرة… واسع الانتشار

الوحدة 14-5-2020

تفاجئنا الشمس بطلوعها كل يوم  والشمس ساعة الزمن الكبرى عندما ننظر إليها، وهي في الأفق راسمة عقرب الوقت الأزلي وبادئة بالطلوع شيئاً فشيئاً ثم بالحركة فوق ميناء الأفق ولها في كل ساعة موضع غير الذي كانت فيه حتى تبلغ أقصى الغرب ثم تهبط غارقة في اللامحدود معلنة نهاية نهار من الأحداث، فكم من قصة تكون قد حدثت في أثناء هذا المخاض اليوم العجيب وكم من حكاية أو أسطورة نشأت في أثناء مسيرها في الكون وكم من مولود ولد وكم من ميت واراه الباقون الثرى ثم عادوا.

وتظلّ هي في دورانها لتشرق من جديد حاملة معها المفاجآت التي لا نهاية لها وليس للإنسان من قدرة مهما علا شأنه وبلغ جاهه إلا مراقبة دورتها وهي تحسب الوقت وتحصي الأعمار.

والشمس دائماً تطلع على جديد ولم يوفق من قال زاعماً إنه لا جديد تحت الشمس، بل كل شيء تحتها جديد لم تطلع عليه من قبل وإن كان الإنسان لم يتعظ بما يرى ويظل سادراً في جهله وغروره وظنه الكمال والقدرة والقوة . فأي كمال للإنسان وهو مركب من مواد أرضية ناقصة وأية قدرة لا (كومة) اللحم المتحركة التي تتأذى بالحرارة وتتأذى من البرودة وأية قوة لمن لا يستطيع أن يحمل شيئاً غير ظله اللاهث خلفه في رحلته مع دوران الشمس بين شروق وغروب متواصلين لم ينتهيا بعد أن الإنسان الذي لا يتفكر في الحياة وما ركبت منه وما جبلت عليه الإنسان محروم من عين البصيرة ولعل عمى البصير أكثر انتشاراً من عمى الأبصار، فقد نجح الإنسان في اختراع العلاجات للنظر حتى يتحسن بصره بين نظارات طبية وعدسات لاصقة وعمليات ليزر وغيرها ولكنه حتى هذه اللحظة لم يتمكن من علاج عمى البصيرة واسع الانتشار والذي لم يوفر أحداً، فعاد الإنسان بعد تحضره إلى شريعة الغاب يغتال من يخالفه في الرأي أو يتجرأ على قول كلمة لا تلك الكلمة التي تعد أصغر أشكال الكلام فهي مكونة من حرفين فقط وذلك هو أقل الكلام، ولكن معانيها لا يمكن أن تحصى، ومن قال لا، فقد قطع نصف المسافة نحو الحقيقة وعليه بعدها أن ينتظر المفاجآت القادمة مع شمس جديدة تؤذن بالإشراف .فلنوقت جميعنا أبصارنا نحو الشرق لنراها وهي تطلع من جديد حاملة لنا المفاجأة الكبرى.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار