مبادرات لاحتواء أنشطة أطفالنا واستثمار أوقاتهم بالفائدة والمتعة

الوحدة : 13-5-2020

من أصعب المواقف التي فرضتها الإجراءات الاحترازية بسبب فيروس الكورونا هو التعامل مع أطفالنا في ظل ظروف استثنائية اجتماعية واقتصادية وصحية قاسية، فلم يعد الأمر مجرد أوامر أو نصائح يبديها الأهل، ويلقونها على أطفالهم منتظرين التجاوب معها والامتثال إليها، بل انتقل الوضع إلى الالتزام بتعبئة أوقات طويلة من الفراغ عند شريحة من المجتمع – الأطفال – تمتلك طاقات وإمكانات وملكات لا حدود لها، لذلك كان لا بد من تضافر مجموعة من الجهود الأهلية والمجتمعية لاستثمار هذه الأوقات بمبادرات ورسائل توعوية، بهدف تحفيز الأطفال خلال فترة حظر التجوال التي يشهدها العالم، وسورية كجزء منه في مواجهة فيروس كورونا، وفي سطورنا هذه، تستطلع جريدة الوحدة بعض الآراء حول هذه الأنشطة التفاعلية الالكترونية وتلقي الضوء على عدة مبادرات فنيّة استهدفت الأطفال من خلال استقبال رسوماتهم التي تعبر عن أهمية الالتزام بالإجراءات في سبيل مواجهة كورونا وعدم انتشاره، وأيضاً أهمية الحفاظ على النظافة الشخصية من غسلٍ للأيدي والتعقيم المستمر والبقاء في المنازل.

أولى هذه المبادرات مبادرة المكتبة العمومية للأطفال والتي انطلقت من أهمية دور المكتبة في هذه المرحلة في حياة الأطفال وذويهم لذلك حرصت على تواصلها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي متمثلة بصفحتها على فيس بوك، حيث قامت بداية بنشر دليل توعوي للأطفال تشرح فيه أهمية النظافة الشخصية وطرق الحفاظ عليها لتجنب الإصابة والحفاظ على السلامة العامة، كما عملت المكتبة على نشر دوري لمقاطع مصورة لقراءة قصص مختلفة وبطرق متعددة لمساعدة الأطفال بأن يمضوا وقتهم بطريقة ممتعة ومفيدة، كما شجعت المكتبة أطفالها على مشاركة أصدقائها أنشطتهم اليومية التي يقومون بتنفيذها بمفردهم أو بمساعدة ذويهم سواء كانت أشغالاً يدوية أو قراءة قصص أو كتابات أدبية من خلال تصويرها عبر مقاطع فيديو أو عبر إرسال صورة إلى بريد الصفحة حيث تقوم المكتبة بنشر هذه المشاركات على صفحتها وتشجيع الأطفال على المزيد من الأنشطة الهادفة خلال فترة الحجر، وفي مرحلة تالية قامت المكتبة بإطلاق حملة لرفع العقوبات عن سورية تحت عنوان – من أطفال سورية إلى العالم أوقفوا العقوبات أوقفوا كورونا – ودعت الجمعية أطفالها للمشاركة في هذه الحملة من خلال الرسوم والمقاطع المرئية لرفع العقوبات عن سورية و قد أبدعوا بمشاركاتهم المختلفة والمنوعة ورسائلهم بلغات عالمية متعددة مطالبين بحقوقهم التي نصّت عليها لوائح حقوق الطفل.

المبادرة الثانية لمجلة أسامة وكما تحدث عنها رئيس تحريرها – قحطان بيرقدار – على صفحتها الالكترونية مبيناً أن المجلة الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب بوزارة الثقافة وضعت على صفحتها على فيس بوك أعدادها الصادرة في السنوات الأخيرة مع الرسوم أو الصور الخاصة بها، ويستطيع الأطفال عبر صفحة المجلة قراءة القصص المتنوعة والقصائد والسيناريوهات المصورة والأبواب الثقافية الغنية بكل ما هو ممتع ومفيد في مجالات معرفية عدة.

 كما أطلقت مجلة شامة مبادرتها – صديقتي شامة – وذلك انطلاقاً من مسؤوليتها الاجتماعية ورغبة منها في إيجاد تواصل أفضل مع الأطفال أثناء تنفيذ الإجراءات الحكومية الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا، وهذا ما أكدته أريج بوادقجي رئيسة تحرير المجلة مشيرة إلى أن المبادرة تهدف إلى تشجيع الفئات العمرية الصغيرة للقيام بأعمال مفيدة تنمي فكرهم وإبداعهم إذ يقوم الأطفال بإرسال صور وفيديوهات لهم لتشاركها – شامة – على صفحتها بغية تحفيزهم على القراءة والاكتشاف والإبداع والمشاركة ولا سيما خلال فترة تعطيل المدارس، ومع امتداد مدة الحجر الصحي، تم تطوير المبادرة من خلال التعاون مع كتاب ورسامي المجلة لتسجيل مجموعة من الفيديوهات السمعية – البصرية لرواية قصة من قبل الكاتب نفسه، أو تقديم تقنية فنية من قبل الرسام بهدف تطوير مهارات الأطفال، وكل هذا يتم بأسلوب قريب ومحبب لهم.

السيدة رنا سعادة، مدرسة، قالت: إن إطلاق هذه المبادرات الفنيّة على بعض المواقع الالكترونية والتي تستهدف الأطفال ليعبروا عما يجول في خاطرهم من خلال رسوماتهم وكلماتهم في فترة حظر التجوال والعطلة من المدارس، له أهمية كبيرة ومهمة في تعميق المفاهيم الصحية السليمة في نفوسهم، كما إن إطلاق مثل هكذا مبادرات في مثل هذا الوقت يُعد مهماً جداً، وخاصة أنّها تعمل على رفع الوعي الصحي لديهم وتكسبهم ثقةً عالية بأنفُسِهم من خلال إبراز دورهم الهام في محاربة فيروس كورونا والتعبير عن آرائهم وأفكارهم، وأتمنى من الجهات القائمة على هذه المبادرات وبعد انقضاء فترة الحجر إقامة معرض لكافة رسومات الأطفال الذين شاركوا بها وتخصيص الرسومات الفائزة بجوائز كنوع من التقدير والتحفيز لهم، خاصة بعد التفاعل الكبير الذي لاقته هذه المبادرات حيث رحّب الأطفال وأهاليهم بها وتفاعلوا معها بشكل إيجابي.

 السيد عمار شدود، مدير مدرسة، قال: إن دور مثل هكذا مبادرات يُشكل حالة من الوعي والإدراك لدى أطفالنا نحو الظروف التي نمر بها ويسمح بتفاعل إيجابي مع المجتمع المحيط بهم، كما أنه وبمثل هكذا مبادرات نعلم أطفالنا أهمية استغلال الوقت في أشياء مفيدة توسع مداركهم أفضل من انشغالهم الكامل بالألعاب الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبذلك نعمل على تنمية الحس الاجتماعي والوعي الصحي لدى أطفالنا عندما يشاركون برسوماتهم.

الصديق سامر الصوفي، الصف الثامن قال: شاركت بالمبادرة التي أطلقتها مجلة أسامة عبر موقعها الالكتروني والتي أتاحت الفرصة لنشر التوعية بين الأطفال عن هذا المرض الخطير الذي يجتاح العالم وضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية للتصدي له، وقد شاركت بلوحة تحكي عن أهمية التعقيم ودوره في القضاء على الفيروس. ختاماً نقول: في ظل أجواء الحجر المنزلي وغياب النشاطات الميدانية يبقى التواصل مع الأطفال عبر مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي خياراً مثالياً في ظل الإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لفيروس كورونا، ومن هنا تنبع الحاجة لمثل هذه المبادرات الالكترونية لتثقيف أطفالنا وتنمية فكرهم وتوعيتهم، خصوصاً في فترة الالتزام بالحجر الصحي وكذلك لاستثمار أوقات فراغهم والوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم في المنازل، وكذلك للتخفيف عن الأهل وتضافر الجهود معهم في احتواء الطاقات والإمكانات لأطفالهم، ومساعدتهم في إدارة عملية التنمية الثقافية، وإيصالها بأسلوب محبب ومحفز للوصول معاً إلى نهاية آمنة لهذه الفترة الصعبة التي تمر بتداعياتها على العالم بأسره.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار