الوقت…

الوحدة : 11-5-2020

 في يده المفاتيح يهبها لمن يشاء، فتفتح الأبواب الموصدة والخزائن المغلقة، وينقلها من يد إلى يد كيف شاء، ومن امتلك مفتاحاً واحداً من تلك المفاتيح فتحت له السعادة أوسع أبوابها، ليزلف إلى روح وريحان وزمن غير غضبان وليالٍ مقمرة وأيام مشمشة دافئة، فيما الآخرون يتجرعون كأس الحسد المرة نادمين على خطأ لم يرتكبوه سوى أن الوقت أغلق بـ (الصبة والمفتاح) في وجوههم الأبواب التي طالما حلموا بالدخول منها إلى حيث يتمنون…!

 ولعل الوقت هو (بوفيه) العمر المفتوح، وما دام قد حلّ الاحتفال، فاملأ طبق الحياة بما لذّ وطاب من ذلك ( البوفيه) العامر بالخيرات، حتى إذا انتهى الحفل أو أوشك فإن تاركي كراسي الوقت لغيرهم في سنّة كونية لا يغيرها الوقت أبداً سواء أكانت الحفلة مضاءة بالمشاعل قبل ألف سنة أو بالشموع قبل خمسمائة سنة أم بالمصابيح الكهربائية كما هي الاحتفالات في وقتنا أم بأشعة الليزر كما ستكون عليه الحال بعد قرن أو قرنين من الزمان.

 ولأن الوقت لا يأبه بأحد، فإذا صرف لك قدرة مفتاحاً من المفاتيح التي يسميها هذا الزمان ( الماستر كي) وهو ضرب من المفاتيح العجيبة إذ لديه القدرة على فتح جميع الأبواب المغلقة، فإذا أعطاك الوقت دون سعي منك وبضربة حظ لا عن كفاءة ولا طويل خبرة لديك ووجدت تلك المفاتيح بين يديك طبعاً فاعلم أنك لست أول واحد ولا آخر واحد تخدمه الحظوظ فينال دون تعب منه ما لم يحلم به أبداً.

وفي زماننا هذا أكثر أصحاب هذا النوع من المفاتيح على شاكلتك فأول ما يجب منك بعد شكر النعمة للمنعم أن تحسن استخدامه وتنفع به أكبر عدد من الناس لأنه كما حاول دون سبب فسوف يسلبه منك الوقت دون سبب وإذا سلبك من وهبك ما وهبك وكنت قد أحسنت إلى الناس، فاعلم أنك ستجد أثر ذلك في قلبك رضىً بما حل بك من انصراف النعمة ولن يشمت بك شامت أبداً.

 أما إذا لم تفعل خيراً قط في عهد المفتاح فإن الندم وشماتة الأعداء سيلحقان بك حتى آخر يوم من حياتك ولن ينفعك طول فكرتك ولا غزير عبرتك وإن من صحب الوقت وامتحنه يعلم وهو يسدي النصح لأصحاب المفاتيح أن معظمهم لا يقرؤون وذلك إما لأنهم أميّون وإما لأنهم لا وقت لديهم للقراءة خاصة إن أهل هذا الزمان أكثر همهم منصرف إلى جمع المال ولا وقت للعلم عندهم ولولا أن التعليم إلزامي بقوة القانون لانصرف الناس عنه وعموماً فإنني أردت أن أوضح وأنصح من غرَّهم الوقت بإقباله أن ينتبهوا فإنه عند إدباره يكون قاسياً وبقلب لا يعرف الرحمة إليه طريقاً فهل من معتبر؟.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار