الوحدة : 10-5-2020
مسيت.. قرية من قرى القرداحة التي تنطق جمالاً كلما أشرقت الشمس بأنوارها البهية وكلما لاحت بالغروب، وهي التي تهمس عتباً للسادة في مواقعهم ومناصبهم أني هاهنا، ما زلت صامدة بين القلب والنبض، منتصبة كأشجار الزيتون والسنديان المتعانقين في أرضي، والموغلين في القدم، أنتظر منذ دهر اهتمامكم ونتائج اجتماعاتكم ودراساتكم فلمَ الجفاء ولمَ النسيان والإهمال؟
ويقول أهل القرية الكرام عن معنى اسم القرية (مسيت) بأنه جاء من شدة كرم أهل القرية، واحتفائهم بالضيف، حتى ينسى أنه ضيف، ويبات ليلته عندهم (يتمسى) أما في الوقت الحالي فيجب أن يحول اسم مسيت إلى (نسيت) لكثرة ما طال القرية من إهمال ونسيان.
خلال زيارة ميدانية للقرية للتعرف حقيقة على واقعها الخدمي الحالي التقينا فيه بعضاً من أهالي القرية الذين عبروا بكل صراحة عن غالبية أوجاعهم وهمومهم.
– المحامي عمار بو صالح قال: تغيرت الحياة، ومرّ الكثير من سنوات العمر ونحن نأمل، بل ونحلم أن نرى الطرقات المؤدية إلى بيوتنا معبدة ومزفتة، وأضاف: أمضينا طفولتنا، وأنهينا دراستنا حتى الجامعية منها، ومازالت الطرقات على حالها، لم تشهد خطوة واحدة للأمام، وتساءل: هل من المعقول أنه بعد العديد من الدراسات لم يستطيعوا تعبيدها وتخديم الأهالي فيها، وهي التي تخترق القرية ويتوضع عليها أكثر من عشرين منزلاً، ولا يتجاوز طولها ٤٥٠ متراً، ويوماً بعد يوم تزداد صعوبة ووعورة بسبب طبيعة القرية الجبلية، ويزداد العبء علينا في نقل الحاجيات أو إسعاف المرضى، وأضاف: ليس من المعقول أن يتحول الحق الطبيعي للإنسان إلى حلم.
– السيد جميل علي قال أيضاً بشأن هذه الطريق: شقت منذ العام ١٩٧٩ من خلال العمل الشعبي، حيث تعاون الأهالي فيما بينهم وقاموا بشق الطريق، وهي منذ ذلك الوقت على حالها، بل أسوأ بكثير، وقد قامت مديرية الخدمات الفنية بزيارتها والاطلاع على واقعها أكثر من خمس مرات دون أي نتيجة ترجى رغم مطالبات الأهالي ومراجعتهم المستمرة، مؤكداً أن القرية تستحق بعض الاهتمام بأبسط الخدمات.
– الأستاذ جودت خضور أكد أيضاً أنه لا طريق في كل المحافظة برداءة هذه الطريق، متسائلاً: ألا يستحق أكثر من ٢٠٠ نسمة تعبيد طريق منازلهم، وتحدث السيد جودت أيضاً عن مشكلة الهواتف الأرضية التي تعرضت لسرقة أكبالها منذ ٢٦-٧-٢٠١٦ وإلى الآن القرية بلا هواتف أرضية رغم الحاجة الماسة لها، وأضاف: نحن نتبع لمركز زنيو، والأكبال كانت ممددة بشكل هوائي على الأعمدة، وسرقت من مفرق قرية الخربة لمدخل قرية مسيت منذ أكثر من أربع سنوات، ومازالت الفواتير تتراكم علينا من حينها، ولم يفكر أحد بإعادة تمديد الهواتف رغم مطالباتنا المستمرة وأمنياتنا أن تمدد هذه المرة ضمن الأرض حتى لا يستطيع أحد التعدي عليها وسرقتها، حيث لا يخفى على أحد أهمية الهواتف الأرضية وضرورتها، وخاصة للأبناء في ظل توجه العالم كله للأنترنت للدراسة ونهل العلم وأخذ المعلومات من مصدرها الموثوق، وإلى الآن لا توجد هذه الخدمة في قريتنا.
– السيد محمود برحوش أيضاً أشار إلى مشكلة الهواتف الأرضية في القرية وعدم الاستجابة من مؤسسة الاتصالات لطلبات الأهالي الكثيرة لإعادة تمديدها وصيانتها من جديد، وأشار أيضاً إلى مشكلة مياه الشرب التي لا تأتي إلا مرة واحدة كل عشرة أيام ولفترات قليلة، ولولا وجود بعض الينابيع في القرية كنا عانينا الأمرين في تأمين المياه.
– السيد نزيه بو صالح أيضاً تحدث عن مساوئ الطرق ضمن القرية أو المؤدية إلى القرية والطرق الزراعية التي تكاد تختفي معالمها من الإهمال، وأشار أيضاً إلى ضرورة تأهيل أحد الينابيع الموجودة في القرية مثل نبع المزار وعين الينبوع وعين الخيار لتخديم الأهالي وتوفير حاجتهم من المياه حيث يضطر الأهالي لتمديد خراطيم المياه منها إلى منازلهم.
أيضاً أشار البعض من أبناء القرية إلى مشروع تمديد شبكة مياه الشرب المنفذ من حوالى عشرة سنوات ولم يكتمل إلى الآن، كذلك مشروع الصرف الصحي الذي نفذ منذ أكثر من عشر سنوات أيضاً والذي خدم بعض الحارات في القرية وترك قسماً منها دون تخديم إلى الآن وتحدث آخرون عن معاناة الأهالي في تأمين أبنائهم في المدارس الإعدادية والثانوية حيث لا توجد في القرية سوى مدرسة ابتدائية تضم صفوف الطلاب من الأول إلى السادس، ويدرس فيها أكثر من ٦٠ تلميذاً، بينما يدرسون الإعدادية والثانوية في مدارس زنيو التي تبعد أكثر من ٤كم أو مدارس شديتي التي تبعد عنها أكثر من ٦ كم وكل ذلك طلبات خاصة على حساب الأهالي حيث لا تخدم القرية أي وسائط نقل باستثناء التكاسي التي تعمل طلبات خاصة، وأجرة الراكب الواحد فيها ٤٠٠ ليرة من القرداحة إلى القرية إن كان موظفاً أو طالباً أو عسكرياً.
أيضاً تحدثوا عن صعوبة الزراعة وعدم القدرة على تأمين الأسمدة في ظل غيابها وغلائها والشروط الصعبة للحصول ولو على كيس واحد من الأسمدة لتسميد بعض الزراعات المنزلية التي يزرعونها لتأمين خضار البيت وأضافوا أنهم يتبعون لوحدة إرشادية مركية والتي تبعد عنهم أكثر من ٨ كم ولا يستفادون من خدماتها نتيجة البعد، وتحدث آخرون عن وعورة الطريق الرئيسي الذي يربط القرية بناحية جوبة برغال التي يتبعون لها والمؤدية أيضاً إلى مدينة القرداحة حيث أنها تمتلئ بالحفر وقد انجرف الزفت عن الكثير من أجزائها نتيجة الأمطار والسيول كما أنها لم تصن منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.
وفي الختام أشاد الأهالي الذين التقيناهم بمساعي السيد رئيس بلدية جوبة برغال في مساعدة ذوي الشهداء والجرحى وإيصال المخصصات إليهم من غاز ومازوت وسلل غذائية من الهلال الأحمر، كما ويتم ترحيل القمامة بمعدل مرة واحدة كل خمسة أيام، حيث لا تسمح موازنتها المحدودة بتقديم أكثر من ذلك، أو تنفيذ أي مشروع في الوقت الحالي.
سناء ديب