الوحدة 22-4-2020
لا علاقة للعنوان بالفيلم السينمائي الذي يحمل ذات العنوان، بل هو عوالق ذاكرة أتعبها الترحال عبر الزمن، واستفاقت في أيام الحجر الصحي المنزلي، فأشعلت في الروح قناديل حنين متقدّ، وراكمت في الأحاديث المكررة نسماتٍ من جمال وغبطة..
نقول لأولادنا: سيأتي يوم تحدثون فيه أبناءكم عن حربٍ إرهابية تصدّيتم لها بوعيكم وبدمكم، وعن وباء فرض عليكم قيوداً صعبة لكنكم التزمتم بالقرارات، واتخذتم جميع الإجراءات على قسوتها، ونجحتم بحماية رب العالمين من تجاوز كلّ هذه المحن، تماماً كما قصصنا لكم حكاياتنا التي رسمت الدهشة في عيونكم، وكدتم ألا تصدّقونها لولا أنّ من يرويها لكم هو أبوكم أو أمكم..
في زمن كانت فيه ضيعتنا الجميلة تجتمع كلّها في (حلقة دبكة) ويلتقي كلّ أبنائها في بيت (عسكريّ) عائد لتوّه في إجازة، وتشرب كلّها الحليب دون أن يدفع أحدٌ قرشاً واحداً، وتُخصص في كلّ بيت غرفة كبيرة لـ (المؤونة) بغضّ النظر عمّا إذا كان لديه إنتاج (زراعي، حيواني) يساعده على شغلها بالمؤونة المطلوبة، فالأهمّ هو أنّ القرية كانت تنتج كلّ شيء، وبالتالي سيأتيه أي شيء تحت عناوين التكافل والتعاون والمقايضة غير المشروطة، وعادات أهل الريف سابقاً، حتى ليكاد من ليس لديه إنتاج (زيتون مثلاً)، يخزّن مؤونته من الزيت وزيتون المائدة أكثر ممن لديه إنتاج..
قد يستغرب أبناؤنا هذا الكلام لأنهم يعيشون واقعاً مختلفاً يدفع فيه المرء ثمن نصف كيلو حليب لابنه المريض لأخيه (ابن أمه وأبيه) الذي ينتج هذا الحليب..