دلال الأطفال غالبتها سلبية

الوحدة : 17-4-2020

 يثير تفضيل طفل على إخوته أو أقرانه ضغائن أو عثرات نفسية يصعب تجاوزها وقد تترك في نفسية الطفل موضوع التفضيل آثاراً سلبية أو إيجابية بحسب البيئة ودوافع التفضيل وظروفه وأسبابه، ويحفل التاريخ الإنساني بقصص العداء الذي ينشب بين الإخوة الأشقاء بسبب حب طاغ يبرزه أحد الأبوين أو كلاهما لطفل دون الآخرين وما يلقي الكثير من الضوء على هذه القضية التي لا يكاد تاريخ أي عائلة يفلت منها وتختلف الأدوات التي يستند إليها فعل التفضيل باختلاف العائلة وهي تتراوح ما بين كلمات الإطراء والمديح ونظرات الحنو التي يقابل بها الطفل دون غيره من إخوته أو أقرانه وحصوله على الاهتمام الأقصى والعفو عما يرتكبه من أخطاء دون غيره وإبداء المزيد من مظاهر الاحتفاء به حين قيامه بأي عمل، وعادة ما يكون صغار الأطفال أكثر عرضة للتدليل من غيرهم نظراً لجاذبية الطفولة وجمالها في أعين الكبار، وهنا تبرز مشكلة عويصة قد يكون الطفل المدلل عرضة لها ذلك أن الكثيرين من الآباء يعزفون عن الاستمرار في تدليل الطفل ما إن يبلغ مرحلة الصبا والسعي ليبدل الاهتمام بإهمال واضح لا يمكن لمن كان بالأمس محور حب طاغ من أبويه أن يغفل ما يتعرض له من إهمال، وهنا تتصارع سواء في نفس الطفل موضوع التفضيل أو في نفس أقرانه الذين يرقبون تصرفات الكبار تجاهه تناقضات الطيبة والسرور والقبح والجمال لتأخذ مساحة واسعة من التفكير الذي ما يلبث أن يلبس لبوس الأفعال اليومية وهنا بالتحديد تظهر إلى السطح دوافع الغيرة منه أو شعوره بالأنانية أو التظلم فهو لا يفهم لم يحسده الآخرون على موقعه في قلوب الكبار، إن ما يتعارف عليه الناس من وصف القلوب السود المشحونة بالحقد إنما تولد في لحظة الشعور بوجود تفضيل لآخر قد لا يستحق الاهتمام به وقد أثبت على طلبة المدارس الابتدائية أن نسبة كبيرة من الدوافع العدوانية والمشاجرات بين التلاميذ تنجم نتيجة تفوق دراسي تحرزه أقلية منهم أو تفضيل يبديه المربون أو المعلمون وقد تأخذ الأمور منحى أشد عمقاً من وجهة النظر النفسية حين يتعلق الأمر بتفضيل أحد الأبناء على إخوته على الرغم من ضعف أهليته وعدم قدرته على إبداء أي تفوق على مستوى الذكاء أو الإنجاز اليومي لا بل إن مستقبل العلاقة بين الإخوة في العائلة الواحدة يتحدد على ضوء درجة العدالة التي يتعامل بحسبها الآباء والأمهات مع الصغار. صحيح أن العائلة تظل وحدة اجتماعية عصية على أي ممارسة ديمقراطية إلا أن التوزيع العادل للعواطف والعطايا ما بين الإخوة يظل أمراً ممكناً من دون أن يعني ذلك توافر قدرة مطلقة عند الآباء لتحقيق العدل بميزان الدهب ولعل من أبرز ما يمكن أن تفرزه درجات التفضيل حيال الأبناء هي تلك القدرة التي تنشأ لدى أي منهم على ممارسة الحرية والانطلاق أو الشعور بالظلم والانكفاء على النفس بمعنى أن الأمر يسير ما بين جبلين من الدوافع البناءة أو المدمرة الطفل المدلل يقع في صراع نفسي بعد أن يحل آخر مكانه ومستقبل العلاقة بين الإخوة يتحدد وفق درجة عدالة الوالدين والطفل المدلل ما هو إلا مشروع شاب مدفوع على الدوام إلى إثارة انتباه الآخرين وإغوائهم وهو من ذلك النوع الذي يذهب على الدوام إلى آخر الشوط في مشروعاته من دون أدنى تفكير بالعواقب.

لمي معروف

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار