البقاء في المنزل فرصتنا لتوطيد علاقتنا مع أطفالنا

الوحدة : 15-4-2020

الجلوس مع أطفالنا لوقت طويل ودون التزامات تسرقنا منهم أو حتى واجبات مدرسية تشغل عقولهم الصغيرة هي فرصة يجب أن نستغلها لتوطيد علاقتنا بأطفالنا و إنشاء علاقة مميزة معهم، قد تكون نعمة إن تمكنا من السيطرة عليها وقد تتحول إلى نقمة وهنا الأهل هم من يقود هذه المرحلة، في لقائنا مع بعض الأهالي:

تقول سامية: لدي ثلاث شباب في الجامعة وقد جعلتني هذه العطلة (أشبع منهم) لأننا منذ زمن طويل لم نجتمع ونجلس معاً لوقت طويل وأصبح لدينا طقوس معينة كالقهوة الصباحية وشرب المتة مساء إضافة لحضور الأفلام وغيرها من الأنشطة التي جعلتني أقرب منهم، قد يكون الحظر فرصة بعثها الله لنا لندخل إلى قلوب أبنائنا.

وتقول سارة: لدي طفلان أحدهما في الصف الثالث والآخر في الصف الأول وتقارب عمرهما جعلهما صديقين لأنهم يقضون معظم وقتهم باللعب وقد تحسنت علاقتهم مع بعضهم وقلت نسبة الشجار بينهم كما أنني ألعب معهم أحياناً والأهم من هذا أننا قمنا بإنهاء الكتب المدرسية معاً وهذا جعلني اكتشف نقاط الضعف عندهم وحالياً نقوم بدورة داخلية للتدرب على الخط.

فيما يقول العم أبو علي: بعد شهر من الغياب عن ابنتاي بدأت أشعر بالشوق لهما على الرغم من الاتصال الهاتفي الدائم إلا أن الشوق وجد طريقه إلينا، أما بالنسبة لابني وهو في الجامعة فله عالمه الخاص ونادراً مانراه لأنه يسهر ليلاً للعب مع أصدقائه عن طريق الانترنت وينام نهاراً حاولنا إقناعه بخطر مايقوم به لأن السهر سيء و غير جيد بالنسبة لصحته ولكن الألعاب الالكترونية التي يلعب بها عن بعد مع أصدقائه تسيطر عليه.

ولأهل الاختصاص رأيهم لذلك التقينا الاختصاصية التربوية ريم محمد وكان لنا الحوار الآتي:

× ربما لم يسبق لنا أن جلسنا مع أطفالنا هذه الفترة الطويلة فكيف يمكننا استغلال هذه الفترة لتوطيد علاقتنا مع أطفالنا؟

التداعيات المجتمعية لفيروس كورونا في علاقتها بالحجر الصحي وتعليق الدراسة والبقاء في المنزل من ناحية ايجابية تكون بالنظر على أن الحجر  انغلاق إيجابي للعائلة والأسرة حول ذاتها لإعادة التعارف والمكاشفة بين مكوناتها بعيداً عن كل أنانية أو تقصير حيث أتاحت استغلالاً واستثماراً للوقت والزمن والتحرر  من ضغط الالتزامات والمواعيد والطقوس اليومية وهذا له دور كبير بخلق جو جميل  داخل المنزل بغض النظر عن حظر الخروج إذا تمكنا من إدارته بشكل مفيد  بالاستيعاب والتقبل لأفكار وتصرفات الأبناء ومشاركتهم الفعلية في مختلف المجالات من حوار وألعاب إضافة إلى تدريبهم على الاعتماد على أنفسهم وتشجيعهم وعدم إحباطهم أي البحث عن كل الوسائل التي من شأنها أن تساهم في إشراك الأطفال مع الآباء في معظم الأنشطة المنزلية وهذا الأمر مطلوب لما له من فوائد عاطفية ومعرفية وسلوكية تساهم في توطيد علاقات المودة والتوافق بين الآباء والأبناء والتي ستساهم بشكل إيجابي على تقبل الحجر والإحساس بالمتعة مع العائلة لتتحول هذه الفترة إلى فترة راحة ولمّ شمل الأسرة لبعضها وزيادة تماسكها وبالتالي تقبل الأبناء ما يملى عليهم من آبائهم أي عندما نوفر للأبناء الأرضية النفسية المناسبة ستكون هذه  الفترة منفذاً للعائلة كانت بأمس الحاجة له.

× هل الاستغلال الخاطئ لهذه الفترة له أثر سلبي للعلاقة بين الآباء والأبناء؟

إذا لم تتأقلم الأسرة مع الأبناء في  فترة الحجر وتحقق أبسط أنواع القبول والمرونة في التعامل مع الأبناء من الطبيعي أن تفقد الأسرة السيطرة عليهم وتكون عاملاً سلبياً مؤثراً على شخصية الأطفال حيث تدفع الأولاد إلى الوقوع في مشاكل نفسية تهدم كيانهم وتدفعهم  للخروج خارج إطار قيم وطقوس الأسرة والابتعاد عن الآباء ومعاندتهم وحتى اختلاق المشاكل معهم وعدم الأخذ برأي الأهل لذا على الأسرة التعامل بمرونة مع الأبناء حسب أعمارهم كي لا تفقد السيطرة في معادلة هم وأبناؤهم خاسرون فيها على حد سواء.  

× ماهي الصعوبات التي قد تواجه الأهل وكيف يمكن التغلب عليها؟

دور الأسرة يتمثل هنا كبداية في الحفاظ ما أمكن على النظام الاعتيادي والروتين اليومي للأسرة (أوقات النوم، الاستيقاظ، الأكل، اللعب…)، فالأطفال في حاجة ضرورية إلى النظام وهي أول صعوبة تواجه الأسرة والصعوبة الأكبر تكمن في منع الأطفال والأبناء من الخروج خارج المنزل وتقلص فترات المتعة مع الأبناء داخل المنزل على اعتبار أن أغلب أوقات الاستجمام أصبحت ترتبط بالتوجه مع الأطفال إلى الحدائق، الملاهي وغيرها لتبقى الصعوبة والتحدي الأكبر هو  كيف نجعل من الإقامة في المنزل وسيلة للتعلم والاستمتاع في آن واحد؟

× قد تكون أحد الصعوبات رفض الطفل الاستجابة أو التعاون مع الأهل ما هو التصرف الصحيح؟

في هذه الحالة  ينبغي على الآباء طرح الموضوع للأطفال بكل واقعية بعيداً عن التهويل أو التهوين وعدم بث الخوف والقلق وإنما ينبغي إخبارهم أننا أمام وضع إنساني (حرج) يتطلب ترتيبات وتكيفاً معيناً كما يتطلب الاحتراس والمسؤولية، وبناء على ذلك فنحن لسنا في عطلة عادية وإنما في ظرف استثنائي ومرافقة ذلك بمكافآت مادية أو معنوية كأشياء يحبها  تعطيه الثقة بنفسه وتسهل من إقناعنا أن البقاء في المنزل هو الأمان الوحيد من المرض.

× كلمة أخيرة توجهينها للأهل؟

 من الصعب توجيه تعليمات موحدة لسائر الآباء بخصوص كيفية تدبير هذه الظرفية الجديدة حيث أن الأمر يبقى متوقفاً على سن الأطفال ومستواهم الدراسي فتلاميذ المراحل الأولى يمثلون الفئات التي يتعين أن يستفيدوا أكثر من أوقات اللعب بينما الأطفال الصغار يبقون الفئة الأكثر حاجة إلى المرافقة لوقت أطول والتعلم من خلال اللعب بينما الفئة المراهقين والشباب ممكن أن يقضوا وقتاً أكبر مع الانترنت والألعاب الرقمية ضمن إطار التعايش في الأسرة، وبما يناسب كل الأعمار من الأفضل تكليفهم  بأنشطة تفاعلية جماعية أو بعض المسؤوليات البسيطة لينجزوها ويفخروا بإنجازها.

رنا غانم

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار