الوحدة : 14-4-2020
عجباً كيف للإنسان أن يتجرد أحياناً من آدميته فيخسر كل شيء حوله ويظن أنه قد ربح نفسه وبعضاً من حطام الدنيا ولكنه في الحقيقة لا يكون قد ربح أي شيء أبداً ،وعجباً من اللاهثين خلف السراب، وهم يصلون ليلهم بنهارهم أملاً في بلوغه ثم لا يجدون بعد جري الوحوش إلا الوهم في انتظارهم فاغراً فاهه ضاحكاً كضحكة الشيطان.
وحري بالإنسان العاقل أن يتوقف ولو للحظات عند نهاية كل يوم ليراجع بنديّ الأرباح والخسائر وهما بندان مهمان في حياة أي إنسان وأهم ربح نحققه في حياتنا هو أن يربح الإنسان من حوله من الناس أكانوا أهل بيته أم أهل بلده وألا يخسر أي أحد من الناس مهما تكن التضحيات، أما الماديات فإنها تأتي وتذهب وقد تأتي من دون أي تعب وقد تذهب لأقل سبب وربما قضى الإنسان حياته يجمع الليرة إلى الليرة حتى إذا ظن أنه جمع (تحويشة العمر) أتاه شخص مخادع وأقنعه بأن هذه الأموال بحاجة إلى استثمار كي تنمو وتربح ويصور له بساطة الأرباح وسهولة تأسيس الشركات وكسب الصفقات وأن الأسهم الفلانية ستصعد والأسهم العلانية ستربح وكل ما عليك هو أن توكلني لأتمكن من خدمتك ثم يقوم المسكين وبكل تصديق بتقديم ما جمعه طوال عمره حارماً نفسه وعائلته من الكثير فإذا به يسلًم كل ما تعب في جنيه إلى محتال (يطير) كل شيء ثم يجلس بعد (خراب مالطة) نادباً حظه العاثر ومحملاً الدوائر الرسمية مسؤولية غلطته وضياع شقاء السنين لأنها لم تسن القوانين الصارمة ولأنها لا تلقي باللصوص الظرفاء في السجون ومهما حدث في الخسائر المادية فإن الإنسان قد يستطيع تعويض ذلك ولكن عندما يخسر الإنسان أبناءه وفلذات كبده ويخسر إخوته وأهل بيته فكيف له أن يعوض هذه الخسائر التي لم يحدث أن استطاع أحد من الناس تعويضها أو استردادها ولذلك نقول لكل أب أن يراجع طريقة تعامله مع أبنائه وبناته ونقول لكل زوجة أن تنظر في كشف حساب أرباحها وخسائرها مع زوجها وأطفالها ونقول لكل رب عمل أن ينظر في أمر من حوله من العاملين وهل هيأ لهم فرص النجاح وقدر النجاح لهم وحاسب المقصر وتخلص من الفاشل فإن كانت الحسبة دقيقة وصحيحة فإنني أبشره بأن أمامه فرصاً ذهبية مع من حوله من الناس، أما إذا كانت الإجابات سلبية فعليه ألا يلوم أحداً سوى نفسه لأنه هو وحده المسؤول، ومن اعتاد أن يحاسب نفسه ولو مرة كل عام ويراجع جوانب القوة والضعف عنده فسوف يكون التوفيق حليفه .أما من أهمل واعتمد على المصادفة فإنني ومن دون قراءة للطوالع ورصد لحركة الكواكب أبلغه من الآن أن حظوظه ستكون في الحضيض.
لمي معروف