يا حبُّ متى؟

الوحدة : 7-4-2020

ها هي الرّيحُ ما تزالُ تصْفرُ في القلب بينَ الأضلُع, وقدمايَ قد تيبّستا تنتظران المجيءَ الّذي طالَ انتظارُه أو ربّما الرّيحُ قد غيّرتْ مسارَه واتّجاهَه, أو ربّما أنّ الزّمنَ قد بَدّلَ عقاربَه وأضحى بلا زمنٍ فلا عقاربُه تدور ولا نحن بالوقت نشعر, وعيناي اللتان ترتقبان كلَّ شيءٍ من بعيد ومن قريب وربّما يتهيّأ لهما أنّ شيئاً يلوح من بعيد, عينان تأبيان الإغماض وتتمسّكان بالمدى الذي يرسم طيفاً لا يأتي إلاّ في المنام, وهذه حال عيني التي أبَتْ أنْ تقرَّ إلاّ والطّيف يطرقُ الجفونَ والأهداب وقد روّتها أدمعي التي انسكبتْ من سُهدٍ ومن سَهر، وأيّاميَ المصلوبةُ فوق عشيبات بلّلها النّدى تنتعش بزفراتٍ وآهاتٍ حَرّى أضناها الشّوقُ وألهبها الحنينُ, ما زالتْ تجلدني الدّقائق والثّواني وأشعر أنّ الصّبر ملاذي وأنّ اللقاء مرفأ السّفن العائدة من سفرٍ جاب القفار قبل البحار وما حطّتْ هنا إلاّ التي ما كنتُ أرتقبها ولا أنتظرها.

أيّاميَ التي ما جَلَتِ فيها الألمَ شمسُ الضّحى, ولا أضحتْ حياتي إلاّ كسفينٍ ما زال يُبحرُ في يمّ الغياب, ويرتقب عودة الأحباب الذين أوْدعتهم قلبي فسافروا والأمانةُ ما طالبتهم بها ولا أعياني ولا أشقاني طول السّفر كما أعياني وأشقاني الضّياع في متاهات الأيّام المنفيّة التي ما حملتْ لي معها إلاّ أنْ جعلتني طفلاً يلهو بألعاب من ورق, فيصنع زوارقَ ويحمّلها رسائلَ ظنّاً منه أنّ البحر ساعي بريد مؤتمن, كنتُ كطفلٍ يبني قلعته من رمل ويأتي زبدُ البحر ليجعل العمر هباءً , وأصوات الموج تهدر في أذني موسيقا تعبى تجعلني أخرّ فوق الدّرب كما البرق لا يدري أين ينتهي

هو الحبّ الذي يتنزّه في حدائق الرّيح الحمقى, يزفر آهات ونهدات تكسر الصّمت الذي يُخيف الرّيح فيبعثرها يميناً وشمالاً وفي كلّ الاتجاهات, ليجعل الأيّام حُبلى بالذّكريات, ويأتيني صوتُكِ الرّخيم ويصرخُ يا قلبُ إنّي وَهنَ عظمي ورَقّ جلدي وقد أهلكني الحبّ الذي غيّر التّاريخ, الحبّ الذي جعل عمري اليابس مُزهراً, وبالرّيحان مطيّباً, وما زلتُ أنتظرُ ولا أعرفُ أنْ أُعرّفَ الانتظار إلاّ أنْ أقول هو الوعد الجميل الذي أخطّ به كلماتٍ تُسمى قصيدة عشق من عاشق مفتون ما زال همّه يكبر ويكبر بأنْ يسأل نفسه: يا حبُّ متى..؟

نعيم علي ميّا

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار