اللحظات الهاربة وفسحة أمل

الوحدة:6-4-2020

 نقتنص من المساءات الهاربة فسحات نادرة لوقفات مع النفس لا تكفي في كثير من الأحيان حتى لمراجعة أمر واحد من متاهات الحياة التي تشرذم قدراتنا وتحد من إمكانات تغيير بعض مناهج سلوكياتنا أو مواقفنا تجاه مجمل القضايا المحيطة بنا، ولكنها قد تسهم في تصحيح اعوجاج ما أو إعادة ترتيب أولوياتنا لما تبقى من العمر وتأخذ العلاقة مع الطرف الآخر حيزاً واسعاً من تلك الوقفات نظراً لما تتضمنه من تشعبات وتعقيدات وغموض ما يجعلها زاخرة بالمشكلات الصغيرة حيناً، والكبيرة أحياناً أخرى نظراً لقصور فهمنا وعدم استيعابنا حقيقة أن لكل امرأة ورجل طبيعة خاصة وأحلاماً خفية قليلاً ما تظهر على السطح بجلاء لأسباب عديدة اجتماعية ما يعني وجود صعوبة بالغة في إيجاد صيغة مريحة للتعامل اليومي وقبول الأمر الواقع عبر تسيير دفة الحياة المشتركة من خلال التنازل أو التغاضي أو التطنيش إلخ.

فعلى مر التاريخ لم نسمع أو نقرأ أو نشاهد علاقة حب ومودة بين امرأة ورجل مرت بخط بياني أففي إلا في الأساطير والحكايات الخرافية التي تعكس أحلام البشر في أيجاد مثل تلك العلاقة من دون أن يدركوها وهي إشكالية العلاقة بين الذكر والأنثى لأن الكائن البشري انقسم إلى نصفين أحدهما في شمالي الكرة الأرضية والآخر في جنوبها، ومنذ ذلك الحين وكل طرف من الطرفين تائه  يبحث عن نصفه الآخر من دون أن يجده، أي أن كل امرأة لم تجد في حياتها نصفها الآخر الذي تحلم به مطلقاً كما أن كل رجل يقضي مجمل سنوات عمره باحثاً عن نصفه الآخر من دون جدوى.

فالعلاقات القائمة بين النساء والرجال مهما بدت طبيعية وسليمة ومسالمة لا تعني الرضى التام والقبول المطلق ففارس أو فارسة الأحلام يبقيان محصورين في حدود مملكة الخيال والأمنيات ولو قيض لبني البشر أن يلتقي كل طرف من نصفه الآخر فإن المشكلات سوف تختفي عن وجه اليابسة بدءاً من المشكلات الأسرية وانتهاء بالأزمات والحروب بين الشعوب. اذ تعم السكينة  نفوس الأفراد ويختفي القلق الدائم من ضيق الوقت للبحث عن النصف الآخر وتتراجع العدوانية وتنتفي أسباب الأنانية والحسد والطمع، فيعم السلام العالمي ونعيش أيام العمر بشكل وأسلوب مختلف جذرياً عما نعرفه الآن ولكن هل يمكن أن تكون الحياة بتلك الصيغة أحلى مما نعيشه؟

سؤال تصعب الإجابة عنه لكوننا لم ولن نجربها ويبدو أن قدر الإنسان أن يبقى يطارد نصفه الآخر منغمساً في لجة البحث وفي غمرة انشغاله هذا يستمتع بلذة الاكتشاف والابتكار والتطور والتحليق في عوالم أحلامه المشروعة.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار