الحظر وما أدراك… ورؤى متنوعة

الوحدة:5-4-2020

مهما حاولنا لن نستطيع الخروج من فلك  كورونا – وإجراءات الاحتراز منها، وكأنها صارت قدرنا لا قدر الله ، إجراءات الاحتراز منها تطغى على حياتنا وسلوكنا وتفكيرنا، حتى أنها ولدت لدى البعض أفكاراً جديدة وأعطت آخرين رؤى جديدة وكشفت للبعض أشياء كانوا يجهلونها بقصد أو بغير قصد، فيما أرخت على آخرين بوطأتها مللاً وكسلاً، في تقرير سابق أحطنا بسلوكيات الأبناء في ظل الحظر الجزئي وما يتصرفون وكيف يقضونه، وفي هذا التقرير حاولنا الاستماع إلى ما قاله الكبار حول الحظر، وكما العادة كانت العينات عشوائية لأشخاص من المدينة…

السيدة أم طارق: أنا لست موظفة ولي حياتي الخاصة جداً، ليس عندي مسؤولية كبيرة عن أسرة، أعيش متنقلة بين المدينة والقرية بشكل شبه يومي، ولا يمر يوم دون أن أزور البحر وأمشي على الكورنيش لذلك كان الحظر بالنسبة لي صعباً وقاسياً وألزمني سلوكاً جديداً وحياة لم أعتدها من قبل، يعزيني في الأمر أن الجميع محظورون مثلي.

السيدة هناء قالت: أنا موظفة وألزمت بالحظر فكرت أن أستثمره في أعمال المنزل المؤجلة كالتعزيل وتنظيف السجاد وغسيل الستائر والترتيب لكن الطقس البارد نسبيا والمطر منعاني من ذلك، أقضي يومي بتنظيف البيت والنوم والتسلية مع أسرتي، وأهم وأكبر مشكلة تواجهني في هذا الحظر اللعين هي الطبخ وتحضير الطعام كل واحد يريد أكلة على ذوقه متناسين أننا في حظر والأسعار كاوية والكثير من المواد خرجت من لائحة مشترياتنا، وإذا ما حاولت استشارتهم حول ماذا سأطبخ أكون قد جنيت على نفسي لذلك في النهاية أطبخ على ذوقي وضمن مقدرتنا وما يتوفر في المنزل وما بمقدورنا تأمينه، ورغم وجود كل أبنائي وزوجي كل الوقت بالمنزل لم يتغير علي الوضع من حيث الأعمال المنزلية، حيث لا ألقى أية مساعدة بل بالعكس ازدادت طلباتهم.

السيدة سهام: كم تحزنني الشوارع المقفرة والسكون المخيف، كم هو صعب هذا الحظر علي، تعودت على تبادل الزيارة مع صديقاتي والمشي في السوق وعلى الكورنيش، لم أكن أتصور أن أصل لمرحلة لا أستطيع الخروج من المنزل على مدى أسبوع وأنا المعتادة على الخروج يومياً والآن أعد الدقائق والساعات والأيام وأنا ضمن الجدران مع الخوف والترقب كم سنبقى وهل سيطول الحظر؟ أنهي أعمالي المنزلية وأحضر الطعام وأتابع أخبار الكورونا على التلفاز ووسائل التواصل، ملل وضجر، نطلب من الله النجاة والسلامة لأبنائنا ولجميع السوريين.

ورغم صعوبة الحظر والخوف فهناك من يرى به جانباً إيجابياً كما ذكر السيد جوهر حيث قال: رغم الفقر والحرمان وفوقهما الحظر الذي نعيشه حالياً فقد اكتشفت شيئاً جيداً من خلال جلوسي في البيت مع أسرتي ومعايشة كل التفاصيل الصغيرة فقد أعطاني فرصة التعامل مع أسرتي بشكل دقيق وواقعي، كنت دائم الخروج من المنزل بحكم الدوام وبعده ربما هروباً أو إحساساً بأن لا حاجة لبقائي بالمنزل وأحياناً لمجرد حب الخروج  أما وقد ألزمت بالبقاء بالبيت فاكتشفت أن قعدة البيت لا بأس بها وهي جميلة وممتعة ولكن المؤسف والحزين بالموضوع هو الإحساس بالقلق والخوف على الأبناء الذي تسرب إلى قلبي من القادم المجهول ما خلق إحساساً بداخلي أن كل عذابهم لنا مشفوع بالرضى والمسامحة لقاء بقائهم بخير وكما يقول المثل: ألف يوم كدر ولا يوم تحت الحجر.

السيد صلاح قال: بحكم دوامي الطويل وغيابي عن المنزل اكتشفت كم تتعب زوجتي وكم تعاني بتأمين متطلبات المنزل والأسرة بكل تفاصيلها، إذ أن هناك الكثير من الأمور التي كنت أحسبها بسيطة وغير ذات أهمية وطالما اشتكت منها زوجتي إن من سلوكياتنا أنا والأبناء لكن بوجودي المستمر ومشاهدتي لها كيف تعالجها وتتعامل معها بكل روية وهدوء أعصاب عذرتها، لذلك فإن الحظر وما ينطوي عليه من قلق وخوف وضجر كشف لي أموراً كنت أجهلها ومع ذلك أعاننا الله لتخطيه والخروج منه بكامل قوانا وصحتنا جميعاً.

السيدة مها قالت: منذ بداية الحظر حاولت توزيع الأدوار على أبنائي وزوجي في مساعدتي بأعباء المنزل وكنوع من تمضية هذا الوقت المقيت والطويل، إعادة عمليات التعقيم المستمرة وتنظيف المنزل والطبخ وجلب الأغراض من الخارج وتأمين المستلزمات، بات كل واحد يعرف دوره ولكن لا يخلو الأمر من بعض المشاحنات للمطالبة بإعادة توزيع الأدوار وكل ذلك نتيجة الملل والضغط النفسي من السجن المنزلي الذي نأمل ألا يطول لنعود بصحة جيدة  ويبقى الوباء بعيداً عنا.

آمنة يوسف

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار