وسائل التواصل الاجتماعي متنفس السوريين في زمن الكورونا

الوحدة:4-4-2020

اعتاد المواطن السوري بفضل حنكته وحكمته وصبره  تجاوز جميع الأزمات والعقبات التي تعترض حياته ناهيك عن مرحلة تدهور الأوضاع الاقتصادية وسوء المعيشة بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار الناجمين عن الحرب الإرهابية التي تعرضت لها البلاد والتي صنع فيها الشعب السوري المعجزات منطلقاً من مبدأ (الحاجة أم الاختراع) متجهاً نحو استخدام البدائل في حياته العملية والتي شملت جميع القطاعات من زراعة وصناعة وتجارة وغيره إضافة لحياته المعيشية بمتطلباتها اليومية المتنوعة وذلك بهدف الاستمرارية وتذليل الصعوبات وهذا بدوره يؤكد أنه شعب جبار ذو إرادة صلبة لا يرضى بالمكوث على عتبة المطبات بل لا بد من تخطيها والقفز فوقها لمنع عجلة الحياة من التوقف ولو للحظات.

ورغم قساوة الحرب التي تعرض لها السوريون إلا أنهم بوعيهم وتعاضدهم وحبهم لوطنهم وتميزهم بروح المواجهة والمقاومة التي لا يكسرها أي عدو تمكنوا من تحقيق أروع الانتصارات بالتصدي لأعداء الوطن، إلا أن العدو الجديد الكوروني (فايروس كورونا المستجد) قد أثار غضب وامتعاض السوريين والذي حل على العالم عامة والسوريين خاصة كضيف  مفاجئ غليظ من دون إذن أو دستور ذاك الضيف الثقيل الدم الذي لا يفهم بلغة المواجهة والتحدي والطرد وإنما الصمت والهدوء والالتزام في المنازل والمحاجر ريثما يغادر ذاك المتطفل عن ديارهم

والعلاج هنا بعيد كل البعد عن نخوة ومبادئ المواطن السوري الذي ترعرع على المواجهة وسحق كل من يعتدي عليه أو على أرضه أو شعبه إلا أن القضية هنا مختلفة فكان مستوجباً على السوريين التزام الصمت والحجر المنزلي الطوعي لحين انسحاب هذا العدو الذي لا يفهم إلا بسياسة التطنيش والهجر والابتعاد عنه  للوقاية من مكائده، وما كان أمام السوريين إلا الالتزام في المنازل وتطبيق الاجراءات الاحترازية ريثما تنتهي أزمة كورونا ويغادرهم ذاك المتطفل المفاجئ فلم يجدوا   متنفساً لتفريغ ما في بواطنهم من ملل وغيظ وربما مشاكسات عائلية بسبب الحجر المنزلي الذي لم يعتادوه سابقاً إلا وسائل التواصل الاجتماعي وإطلاق ألذ وأهضم التعليقات التي تشير إلى خفة دم السوريين وتزيح الهموم من القلوب لتشعرنا وكأن أزمات العالم بصعوباتها قد انتهت أو ربما تم تجاوزها بسلام.

من بين هذه المقتطفات الفكاهية التي لحظناها عبر مواقع التواصل الاجتماعي  كانت كالتالي:

× كون فايروس كورونا  لا يمكن القضاء عليه أو الوقاية منه إلا من خلال الحجر المنزلي واستخدام المعقمات والنظافة وأمور أخرى كانت النتيجة هي إسعاف عدد من النساء وحالات إغماء متعددة والسبب ليس الإصابة بفايروس كورونا وإنما الاستخدام المفرط للمعقمات من قبل النساء.

× تواجد الرجل لجانب زوجته معظم الوقت هذا بدوره أدى لزيادة  المشاكسات والمشاحنات بين الطرفين مما استوجب رفع عدد الطلقات من ٣ إلى ١٠٠  طلقة لتفادي حدوث الطلاق أو ربما زيادة حالات الطلاق بعد انتهاء فترة الحجر المنزلي.

 × مرور المرأة من جانب زوجها كل نصف ساعة قائلة بصوت عال (متى نخلص من هذه المصيبة) وهذا ما شتت فكر الزوج ليضرب أخماسه بأسداسه متسائلاً بينه وبين نفسه من المقصود ( هو أم الكورونا).

× الغسل المتكرر بدون نهاية لليدين ومن ثم الصنبور ومن ثم العودة لغسل اليدين ومن ثم الصنبور ومن ثم اليدين ….. إلخ معادلة لا تنتهي (دويخة).

٥× سماع صوت عطسة من منازل أحد الجيران والركض بسرعة لإخبار المختار وتبليغه عن صدور عطسة مدمرة للبشرية الأمر الذي يتطلب تعيين (فسّاد) لكل قرية أو حي من قبل المخاتير وهذا ما يعزز دور وأهمية الفسّاد عادل في مسلسل ضيعة ضايعة

× سؤال أحد مشتركي الفيس وباستهزاء عن كيفية تعقيم السيجارة ليجيبه أحد المعلقين المرحين (جكها جكة بالكلور بتتعقم).

× أما بعضهم الآخر فقد بدأ بعرض وفبركة عدد من  الصور لمجموعة من الحيوانات في الشوارع وهي بحالة استغراب واندهاش حول اختفاء الإنسان وانقراضه من الحياة معلقاً (اجتماع موسع للحيوانات لبحث آخر المستجدات والتطورات حول اختفاء الإنسان بشكل نهائي من الساحات والشوارع).

× أما إحدى الأمهات المشتركات والتي كتبت على صفحتها خبراً جميلاً عن  طفلتها التي لم تتجاوز ٤ سنوات عندما شاهدت قطعة إكسسوار على سرير والدتها لتركض مسرعة  قائلة (أسرعي يا ماما يوجد كوروناية على سريرك تعالي اقتليها).

× النظرات الحادة والمتبادلة بين الحمى وزوجة ابنها على لسان أحد المعلقين خفيفي الدم يقول في أزمة كورونا ما أكثر النظرات الانتقامية التي توجهها الحمى باتجاه كنتها والكنة باتجاه حماتها وكلتيهما تنتظران من ستعطس مسبقاً لتبلغ عن بعضهما بسبب مشاكلهما السابقة وقد سنحت الفرصة مؤخراً للنيل من بعضهما.

× وآخر ما اقتطفناه من صفحات التواصل هو سؤال الجد الذي بلغ الثمانين من عمره أحد أحفاده مشتركي الفيس حول فايروس كورونا قائلاً (من أي بلد أصلها هالبنت اللي اسمها كارينا وليش جاي تعدي هالناس بالمرض العما بقلبها ما أقل ذوقها).

ونحن بدورنا نقول إن تخطي الأزمات بأنواعها وأشكالها ليس سهلاً إذ الأمر يحتاج لعقول مدبرة وسياسة حكيمة وجمهور وشعب واع متفهم لجميع الظروف التي قد تعترضه والتي حلولها تختلف وتتنوع حسب طبيعتها، فأحياناً الصعاب والمواقف تقتضي المواجهة والتحدي وحالات أخرى تتطلب الحكمة والروية والتأني وهذا ما نراه ونلمسه في أبناء شعبنا الذين أثبتوا بصبرهم وإرادتهم وحبهم لوطنهم وجيشهم وقائدهم أن جميع الأزمات والصعوبات مهما طالت نهايتها إلى الزوال في آخر المطاف.

جراح عدره 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار