بسبب العطلة… فوضى يفجرها الرجال في المطبخ

الوحدة : 31-3-2020

يمكن أن يعد على أصابع يديه كم مرة دخل المطبخ ليحضر كوب ماء أو يعد قهوة في سنوات عدة قد مرت به، فليس الشغل شغله ولا سطر في جداول عمله، ولطالما ارتأها من مهام امرأته وشغلها اليومي ولم تعذر وإن كانت مريضة ومتعبة ليس في نيتها الشكوى وإن فعلت فمن يسمع؟ اليوم وقد اجتاز حقوقه وحدوده ودخل المطبخ وتمدد على بقعة أرضه الواسعة بفضوله وحشريته وملله وليس يطيب له خاطر في البداية لكنه استطاب المذاق والنكهة وأحب أن يبادر بالتجربة فليس من أمر يصعب عليه  والوقت متوفر وساعات اليوم طوال .

× السيدة أميرة ميا أشارت أن زوجها خلال مدة الحظر ولعدة أيام كان لا يبارح أريكته ويتدخل في كل شاردة وواردة بأبنائه وشؤون البيت، ويسترسل ببوح الأخبار التي حضرها على القنوات الفضائية والموبايل وما وصل مسامعه من الجيران تحت طائلة خرقه للجلوس بالبيت، وبعد أن فتحت شهيته وقد مل العطلة وهو لم يعتد على الركون والقعود لفترة طويلة غير في إجازة قصيرة كانوا يقضونها في السفر والترحال لبيت الأهل أو للنزهة تقول: أما وقد اقتحم علي المطبخ وبدأ بموشحاته عن طبخات أمه وذكرياته في تحضيرها، فقد كانت تجلسه وهو صغير في كرسي جانبها وهي تطبخ، وها هو يسألها أن تترك له هذه المهمة وترحل لغيرها من الأعمال، وهي على مضض تهجر المكان ليعد هو الطعام، أولها بكى الأولاد ولم يعد أي منهم يطلب الطعام، وهو يكرر قوله ويعيد بأنه أمر سهل وطيب وقد قام باختراع وإنجاز تعجز عنه نساء الأرض وكيف لا وقد قامت القيامة في المطبخ وكل ما على الرفوف أصبح في المجلى، يتركه بعد جلبة معركته ليخرج بمنتجه إلى الأولاد وقد رفع يديه ولم ير بماذا تجنى علي.

× السيد جمال أكد أنه يجيد الطبخ منذ كان طالباً في الجامعة وقد أتى من قريته ليسكن وحيداً بالآجار، ولم يكن وقتها توجد هذه الوجبات السريعة بل فطاير وسندويش فلافل فقط، فكان عليه أن يحضر بعض الطبخات التي لقنته بها والدته بعد قائمة مشتريات، واستمر بتلك العادة حتى بعد زواجه، إذ يعود قبلها من دوامه، ويؤكد بقوله : هي لم تكن تهوى الطبخ ولم ترغب بدخول المطبخ كما كل الزوجات، ولا تجيده إلى اليوم وقد تركت الأمر لحضرتي لتحافظ على شكلها وقوامها، لكنها وعدتني أن تنظف وترتب كل الفوضى التي تحصل في أركان المطبخ  فلا يهمني إن خلفت الكثير من الجلي والأواني الملوثة ببقايا الأطعمة والزيوت، واليوم وقد ازداد الطلب على الطعام والوجبات كل حين لأجل تمرير الوقت والأيام، فقد بات المطبخ مكاننا واستحوذ على جل اهتمامنا، فالكل بات يدخل المطبخ طلباً بعض الطعام في وقت الوجبات وبينها من صحون الفاكهة والمقبلات، وأنال رضا الجميع حيث يثني الأولاد وزوجتي على طبخي ومهارتي التي تؤهلني لأكون شيفاً في أفخر مطعم, لكني مهندس ولا أرغب بترك وظيفتي وعساني في المستقبل أفكر بالأمر، فقد يكون مشروعاً يستحق التفكير.

× السيدة نوار أشارت بأن دخول زوجها المطبخ لم يكن غير اليوم وهو كنوع من المشاركة على مضض من ملل وضجر وليس أداء واجب فلا متعة أو طعمة، ولم يكن يهتم سابقاً بما تطبخ ولم يسألها يوماً ماذا ستحضر له وقت الغداء، وهي لأجل الأولاد وصحتهم كانت تجلب الأغراض وتعد وجبات دافئة ليشعروا بأنهم ضمن أسرة محبة، فهم على طاولة الطعام يتناقشون بشؤونهم ويتشاورون، لكنه لطالما ضرب كل هذه الأمور بعرض الحائط ليحضر معه الوجبات السريعة من السوق فهي أطيب وأزكى كما يقول،  وإن  كنت قد طبخت سرعان ما يترك الأولاد طعامهم وينجرون وراءه، وهو يضحك ويتوجه بكلامه لي ويقول: لماذا تتعبين نفسك في المطبخ بما لا يرغبه الأولاد كما أن إحضارها جاهزة من السوق أقل كلفة وتكلف، هيا اجلسي وشاركينا طعامنا، فما يكون بيدي غير أن أٌرد (يا ضيعان التعب).

× أما نورهان فتعتبر نفسها محظوظة بأنها حظيت برجل يحب المطبخ وما ينجز فيه، ومذ تزوجا وهو يساعدها بالطبخ وما ينتج في سير شؤونه من أعمال وتراكمات، فأولها يحضر الخضار واللحوم والفاكهة التي أعدت لها قائمة مشتريات، وهو الذي يذكرها بطبق اليوم وما يشتهيه للغداء، حتى أنه جاهز للقيام بكل مراحل الطهي إذا ما تأخرت في وظيفتها أو جاءت منه متعبة، فلا ضرر في وقوفه بالمطبخ وإعداد الطعام لزوجته وولده، وهو على هذه العادة سنوات وحتى إن أتت حماتها فلا يتذمر لكن (زمارة) حماتها ترتفع بصوتها كصفارة طنجرة بخار( عمرو ما دخل أبوك المطبخ، وأنت هلق عم تطبخ وتجلي والمدام مرتاحة) فيسارع ولدها لتهدئتها ببعض العبارات بزماننا غير زمانهم وعلى هذا المنوال وهي جانبه تشد على قوله بأنها موظفة ومتعبة وليس كما كانت هي متفرغة لأعمال البيت_ لتسكت، واليوم زاد على نفسه مغبة العمل فهو لا ينفك يدخل المطبخ ليتسلى كما يقول فيعد بعض الطعام ويغسل الصحون ويرتب كل الأدوات في مكانها لأنه يكره الفوضى.

هدى سلوم- معينة جرعة

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار