الصداقة أقلّ من الحب… وأعمق من الأخوة

العدد: 9556
الثلاثاء : 24 آذار 2020

 

كثيرة هي الأمثال في الموروث الشعبي التي تظهر مكانة الصداقة وتعكس الحاجة البديهية للأصدقاء من (الصداقة كنز لا يفنى) إلى (الصديق وقت الضيق) مروراً (ربّ أخ لم تلده أمك) و (الصديق من صدقك وليس من صدّقك) إضافة إلى فيض لا ينضب من الحكايات والتجارب والنماذج المرتبطة بالذاكرة التراثية والثقافية والاجتماعية التي تحتل فيها الصداقة مراتب عليا.

فهل اختلفت الأمور وتبدلت المفاهيم وتغيّرت القيم في عصرنا الحالي أم أن المجتمعات التي شبّت على شيء شابت عليه؟
أكثر العينات اختباراً لمفاهيم من هذا النوع هي الجامعة التي تعد مختبراً نلتقي فيها أجناساً مختلفة، فهل يؤمن الشباب الجامعي بالصداقة وما جدواها وهل يمكن أن تنشأ صداقة بين شاب وفتاة؟
باقة من الأسئلة المختارة شكّلت عصب جولة بين أصدقاء الجامعة وطلابها في محاولة لرصد الاتجاهات السائدة في المختبر الأهم لمجتمعاتنا الحديثة..

* لين، أكدت أن الصداقة أساسية ضرورية لأسباب اجتماعية ونفسية، وتقول: الإنسان بطبيعته اجتماعي وبالتالي من الضروري أن يكّون صداقات تبرز قدرته على التفاعل مع الآخر، وفي حال الصداقة الحميمة أي التي تقيم رابطاً قوياً بين فتاتين مثلاً فإن من شأن هذه التجربة التي قد تأتي مرة في الحياة أن تظهر لكل طرف في الصداقة قدرته على العطاء، وعلى أن يكون بجانب صديقه أو صديقته عند الحاجة ليكون الملاذ الآمن التي يتم اللجوء إليه في أوقات الشدة وتضيف تربطني صداقة عمرها 3 سنوات مع زميلة لي في الجامعة سرعان ما تحولت (توءم روحي) وأرى أن وجودها في حياتي يساعدني جداً على تجاوز صعوبات عدة سواء في الجامعة أو في الحياة الاجتماعية أو العائلية.
* تقول نيللي إن الصداقة الحقيقية حالة رائعة قد لا يتاح لكل الأشخاص أن يعيشوها وأنا أعرف الصداقة على أنها أقل من الحب وأعمق من الأخوة فهي المحبة الخالصة التي تختزن القيم الإنسانية من العطاء والتضحية والتفاني في سبيل الآخر الصداقة مهمة وتشعرني بأنني إنسانة معطاءة والمهم في الصداقة أن تكون مجردة من أي مصلحة وأن تبتعد عن أي غيرة، وإلا انتهت وأعتقد أن على أي فتاة أو شاب ألا يرتبط بصداقة حميمة ويهمل صداقاته الأخرى بل على العكس يجب أن تبقى هذه العلاقة بمثابة خطوط دفاع تحميه من أي طعنة قد يتعرض لها ولا تدعه في موقف الوحيد إذا انسحب الصديق أو الصديقة في لحظة معينة أي من المهم جداً ألا يركز الشخص كل اهتمامه على صديق واحد يصبح هو محور حياته.
* في المقابل ترى سارة أن الصداقة مع الجنس الآخر تكون بحكم الضرورة بمعنى لدى الحاجة لأمور تتعلق بالدراسة فهي ترى أن ثمة حدوداً في العلاقة بين الشاب والشابة على كافة الصعد وكانت لسارة تجربة صداقة أفضت إلى الارتباط رسمياً برجل حياتها فهي تعرفت إلى خطيبها في الجامعة وقد أراد منذ البداية الارتباط بها وهي كذلك.
* أما زميلتها فاطمة قالت: (لا خطأ في الصداقة مع الجنس الآخر)، وخصوصاً على مستوى العلاقة الاجتماعية والدراسية ولا مانع من التعرف إلى شاب والتكلم معه وأن تبقى العلاقة ضمن إطار الزمالة مع عدم تخطي الحدود ويكون التعامل من إنسان إلى إنسان وليس من شابة إلى شاب كي لا تتداخل الأمور فيما بينها، ففي بعض الحالات تبدأ الأمور على أساس أن هذا الشاب هو رفيقي في الجامعة ثم تبدأ العلاقة بالتعمق وتقود إلى أمور غير لائقة قد تتسبب بمشكلات شخصية وعائلية وتضيف فاطمة أن نيتها من الكلام مع الشاب تكون عادية وفي إطار التعامل بين الزملاء ولكن قد يفهمها الشاب على أساس مغاير والعكس قد يكون صحيحاً ما قد يتسبب بمشكلات نفسية لديها أو لدى الشاب وتقول الفتاة قادرة على ضبط مشاعرها في كثير من الأحيان لذلك قد لا تتسبب بأزمات عاطفية لها وللجانب الآخر.
* ريان طالب لا يجد فارقاً بين الصديق والصديقة ولا يرى ضرورة للتفريق بين الجنسين على مستوى الصداقة ويقول: إذا تحولت الصداقة إلى علاقة حميمة أكثر يختلف الموضوع وتتغير الأولويات قد تأتي الدراسة قبل الأصدقاء وحين تكون لي صديقة تصبح هي قبل الدراسة ولكن بالطبع لا أتركها تؤثر في دراستي وأنا في أي حال أستطيع التعويض عن أوقات اللهو وأكون مرتاحاً نفسياً حين تكون لدي صديقة ،وبالتالي هذا يجعل بالي غير مشغول مما ينعكس إيجاباً على دراستي.
* صديقته دانا التي كانت إلى جانبه وافقته على عدم وجود فارق في الصداقة بين الشاب والفتاة على العكس أحياناً أرتاح أكثر في الحديث إلى شاب مما يكون عليه الوضع مع فتاة أما لجهة التأثير في الدراسة، فتقول: ربما قد تؤثر العلاقة بين شاب وفتاة في الدراسة إذا أصبحت قصة حبّ أي أكثر من مجرد صداقة ولكن لا يكون هذا التأثير كبيراً فالصداقة بين الشاب والفتاة تختلف عن الصداقة بين فتاتين .فالفتاة قد تبدي غيرة أو حسداً من فتاة أخرى أما الشاب قد يبدي تفهماً أكبر من الفتاة لأي مشكلة أو حالة أو ظرف يمر به الطرف الآخر وبالإمكان منحه الثقة في بعض الأمور.

 

* أما طارق يقول كانت لي تجربة صداقة مع فتاة لكني لا أؤمن بالصداقة الخالصة بين الشاب والفتاة ومن الإيجابي في رأيه أن يكون للشاب صداقات تشمل الشبان والشابات معاً ويقول هذا الأمر يسمح بالتعرف إلى الشابات وإلى طريقة تفكيرهن وتصرفاتهن ومن المثير كذلك التعرف إلى أنماط مختلفة من الشبان بحيث يكون باستطاعة الشاب التمييز بين طبائعهم واختيار الصديق الملائم ويضيف حتى تحلّ الثقة بينهما وبين الشاب أو الفتاة على السواء يمكنني اعتباره أو اعتبارها صديقاً أو صديقة، فأرتاح لهما وأتعامل معهما بشيء من الراحة وفي إطار الدراسة ممكن التعامل بين الزملاء الذين يصبحون أصدقاء فنتبادل المحاضرات ونجري الأبحاث معاً ونتعامل مع بعضنا بعضاً بروح ودية وبكثير من الصدق والصداقة.
* رنا تؤمن إلى حد بعيد بالصداقة بين الفتاة والفتاة من جهة وبدرجة أقل بين الفتاة والشاب وتقول: لا يمكن أن أكون في الجامعة من دون أصدقاء عندما دخلت الجامعة الأمريكية في بيروت كانت صديقتي في المدرسة أيضاً معي وهذا ساعدني على أن أشعر بغربة أقل بين الآخرين وفيما بعد استطعنا معاً التعرف إلى أصدقاء وصديقات لكن تبقى هي صديقتي الحميمة التي أثق بها وأكشف لها أسراري ومشكلاتي وأخباري الأخرى، الفتيات يفهمن بعضهن بعضاً أكثر وما يمكن أن أخبره لصديقتي الحميمة لا يمكن أن أخبره لصديقي وتضيف إن العلاقة بين صديقتين أو صديقين يجب أن تقوم على الاتفاق والوضوح والصدق بعيداً عن المصالح الشخصية. أما على صعيد الدراسة فنحن نتساعد ونؤمن لبعضنا المحاضرات في بعض الأحيان نتلهى عن الدروس لكن في النهاية نعوّض لأنّ الأولوية للدراسة أمّا بالنسبة للصداقة مع الجنس الآخر فترى أن الأمور تختلف الشاب لا ينظر في كثير من الأحيان إلى الفتاة نظرة الزمالة والصداقة وقد يبدأ بالأمر مجرد زمالة، ولكن قد يتطور أكثر من ذلك وعند أول منعطف أو سوء تفاهم تحدث الخلافات وقد تؤدي إلى انفصال أما الصديق الفعلي الذي لا يسعى إلى أي مصلحة، فيبقى إلى الأبد ولذلك الصداقة بين فتاتين أو شابتين هي صداقة فعلية في الحياة لا يمكن أن يكون للواحد منّا سوى صديق أو صديقين أما الباقون ففي إطار الرفقة أو الزمالة.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار