المشاريع المدرسية بين إيجابيات الفكرة وسلبيات التطبيق

العدد: 9555
الخميس : 23 آذار 2020

 

يقول الفيلسوف جون ديوي: التربية هي الحياة،
وفي طريقة المشروعات تقترب المدرسة من الحياة أكثر وترتبط بها ارتباطاً وثيقاً، حيث تقوم هذه الطريقة في التّدريس على تكليف الطالب بإعداد مشاريع تتّصل بمحتوى المنهج في المنزل، وهنا تكمن أهميتها، فهي تشكّل نواةً للبحث والتّنقيب وتنمّي عادة البحث لديه فتترسّخ المعلومة في ذهنه بشكل أعمق، وتدوم في ذاكرته لمدةٍ أطول، كما أنها تعزّز خاصّة الالتزام والتّخطيط لديه، وهي عونٌ للتّدريس لا بديل عنه، ففكرتها لا تقوم على إلغاء العمل المدرسي المُعتاد، بل تُكمِله وتُعينه على إنشاء طفلٍ باحثٍ ذي شخصيةٍ قويّة، فهو بدلاً من إضاعة أوقات فراغه في ممارساتٍ تضرّ بصحته وتربيته، يصبح العنصر الأهم في العملية التعليمية من خلال العمل المستمر والمطالعة الموجّهة، وجمع المعلومات وتنفيذها بإبداعه الخاص، فيخرج التعليم من قوالبه الجامدة ويصبح أكثر حيويةً، وبما أن طريقة المشروعات لصيقةٌ بالحياة، فمن الطّبيعيّ أن يتأثّر تطبيقها بصعوبات هذه الحياة، وخصوصاً في بلدٍ عانى الكثير، وهنا تبرز سلبيات وصعوبات هذه الطريقة، والتي تترأسها التّكلفة الماديّة، فكثيرٌ من أولياء الأمور يشكون من صعوبة تأمين المواد الأوليّة لتلك المشاريع وخصوصاً عندما يكون لديهم أكثر من طالبٍ في المدرسة، وأسوأ ما في الأمر عندهم هو تأكّدهم من أنّ مصير هذه المشاريع التي كلّفتهم الجهد والمال هو الرّمي مع القمامة أو الحرق!
نعم، وللأسف فالمدارس لا تمتلك متّسعاً لحفظ المشاريع المتراكمة عبر السّنوات، فتقوم بإتلافها، مما يسبّب شعوراً بالإحباط للطالب ولذويه.
ومن السّلبيات التي ذكرها بعض الأولياء: تشتيت انتباه الطالب وصرفه عن الاهتمام بدراسة المنهج الذي سيُمتَحنُ به، كما وأكّد آخرون أنّ أكثر من ٩٥% من المشاريع ينفّذها الأهل وليس الطّلاب، وهذا ما يُبعدنا كلّ البعد عن الهدف الأساسي لطريقة المشروعات، فيبدأ السباق بين (الأمهات) على تقديم مجسمّاتٍ ومشاريع متكلّفة ومزخرفةٍ دون الاهتمام بالمحتوى والأفكار التي تقدّمها، ولأن وقت الحصة الدراسية الواحدة يستحيل أن يكفي لمناقشة المشاريع جميعها، ولا حتى المميز منها، يُكتفى على الأغلب بمشاهدتها بسرعة ومنح الدرجات الأعلى لأصحاب المشاريع الأكثر تكلفةً وزخرفةً، مما يشكّل تحدّياً كبيراً للطلاب الفقراء المجتهدين حيث يتم بذلك استبعادهم من المراتب الأولى لأسبابٍ ليس لهم بها حيلة!

وعند مناقشة الحلول مع الكثير من الأهالي والطلاب وحتى المعلّمين طرحوا المقترحات التالية: إلغاء المشاريع بشكل نهائي، أو إعادتها للطالب بعد تقدير الدرجة لكي يستفيد من مكوّناتها في مشروع آخر أو ليحتفظ بها بطريقته، ورأى آخرون أنّه من الجيّد أن تُقام معارضٌ للمشاريع المبدعة فيشعر الطّالب بأهمية ما قدمه، أو أن تُعرض بعض الأعمال على جدران المدرسة فتكون مفيدةً ومُحفّزةً للأجيال القادمة،
في حين اقترح البعض كنوعٍ من مجاراة التطور التكنولوجي الانتقال إلى الطرق الالكترونية لأنها اقتصادية أكثر وأوفر ولا تحتل مساحة تُذكر عند الاحتفاظ بها،
وكان أفضل تلك المقترحات هو إنجاز المشاريع في الصف وتحت إشراف المدرّس مما يجعله متأكداً من تحقيق الهدف من طريقة المشروعات ولكن تظهر هنا الكثير من التحديات أبرزها ضيق الوقت، وكثرة أعداد الطلاب وعدم توفر الشابكة والأدوات الضرورية لتنفيذ المشاريع، لذلك ومراعاةً لكل ما سبق يجب أن يقوم المدرّسون بتكليف عدد من الطلاب بمشروعٍ واحدٍ فتُنمّى روح العمل الجماعيّ لديهم من جهة، وتقلّ التكلفة المادية من جهة أخرى، كما ويجب أن يتم التوقف عن منح الدّرجات العليا للمشروع الأجمل والأكثر تكلفةً بل للمشروع الذي يقدّم فكرةً أفضل مهما كانت معطياته بسيطة وبذلك تتحقق الغاية من طريقة المشروعات دون أن تُضاف إلى مجموعة الأعباء التي تثقل كاهل المواطن السوري.

ياسمين نصرة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار