العدد: 9554
الخميس : 19 آذار 2020
لا زال قطاع مقاولاتنا يئن تحت وطأة جملة من المصاعب المزمنة التي زادت الظروف الراهنة التي نمر بها من حدتها ولاسيما في الفترة الأخيرة والتي أوصلت هذا القطاع إلى مرحلة من الجمود التي باتت بحاجة إلى إجراءات جديدة لإخراج هذا القطاع الذي يعد من أهم القطاعات الوطنية التي تدعم الاقتصاد وتوفر الآلاف من فرص العمل وتقدم الكثير من الخدمات.
وللاطلاع على واقع هذا القطاع وأهم الأسباب التي أوصلته إلى ما هو عليه تحدثنا إلى عضو نقابة المقاولين نظمت عباس الذي قال بأن قطاع مقاولاتنا اليوم يعاني من سبات عميق أوصله إليه جملة من الأمراض التي استعار السائد منها حالياً (الكورونا) كاسم لها مبيناً أن أول نوع من هذا الكورونا التي أصابت قطاع المقاولات هو الكورونا الإداري الذي يتمثل بالقرار الإداري الذي جاء في غير صالح العاملين في المقاولات، أما النوع الثاني فهو الكورونا الناجمة عن الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا والناجمة عما فعلته يد التخريب والإرهاب التي خربت البلد من جهة ومن أخرج أمواله منها من جهة ثانية تاركاً تأثير ذلك السلبي على الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيه لافتاً إلى التأثير المتبادل بين مجمل العوامل التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة ولاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كون القرار الإداري غير المدروس قد ساهم في بعض الأحيان بشكل غير مباشر في هجرة رؤوس الأموال إلى الخارج ومن ثم فقدانها في بنوك بعض الدول التي خرجت إليها كما حصل في لبنان مثلاً وهو الأمر الذي أسهم في اضعاف النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات ومنها بالضرورة المقاولات التي باتت في ظل المرحلة الراهنة مقتصرة على مشاريع القطاع العام التي تنفذ من شركات الدولة ويعمل بها بعض المقاولين على شكل مقاول ثانوي وهو ما يزيد كلفة العمل في مثل هذه المشاريع وما أسهم في تحويل تلك المشاريع إلى أقرب ما يكون للسمسرة لاسيما وأن تلك الشركات لا تمتلك كوادراً فنية بل إدارية وفي أغلب الأحوال على بعض الكوادر الفنية التي تحتاج إلى تدعيم لتمكينها من تنفيذ المشاريع الموكلة إليها وهو ما يتم عن طريق المقاولين عبر إجراء يزيد من كلفة المشاريع ومن نسبة الهدر فيها.
ولفت عباس إلى أن أغلب المشاريع التي تنفذها حالياً هي خدمية كون المشاريع الأخرى تحتاج إلى الكثير من الأموال ولاسيما في ظل الارتفاع المتصاعد في الأسعار والذي أوصل قطاع المقاولات إلى مرحلة الموت السريري الذي بات إحيائه بحاجة إلى جملة من الإجراءات التي تسهم في تنشيطه وإعادة الحياة إليه وهي الإجراءات التي يتطلب اتخاذها قرارات جريئة تسهم في تحقيق المساواة ما بين جميع العاملين فيه سواء أكانوا من القطاع العام أو الخاص وهي المساواة التي نص عليها القانون الذي لا يفرق في نصوصه بين القطاعين وهو ما يثير الأسئلة من بعض القرارات التي تخالف نصوص هذا القانون الذي يصدر من أعلى الجهات التشريعية لتأتي قرارات وتعليمات من هذه الجهة الحكومية أو تلك لتفرغه من مضمونة وهو الأمر الذي ترك آثاراً سلبية على قطاع المقاولات (عندما تتحدث عن القوانين التي تتعلق بعمله) والتي تأثرت بجملة من القرارات التي حدت من المساواة التي نص عليها القانون ما بين القطاعين العام والخاص وهو ما أثر على العمل بشكل كبير.
فروقات أسعار ولكن؟
وأما بالنسبة لبعض القضايا المعلقة وأهمها خروقات الأسعار فأوضح عباس بأنها تعطى و أحياناً بأضعاف مضاعفة للبعض وأن الحكومة عالجت مواضيع بعض المشاريع التي تأثرت بالأزمة كموضوع التبريرات المقدمة لبعض المشاريع التي كانت موجودة في بعض المناطق الساخنة مستطرداً أن ما يثير الاستغراب ولاسيما بعد عودة الاستقرار إلى معظم بقاع وطننا الحبيب استمرار هذه الزيادة بشكل ضاعف قيمة لمشاريع عن القيمة التعاقدية مستغرباً استمرار الزمن المفتوح لعدة المشاريع في بعض المحافظات ولاسيما تلك التي لم يكن فيها عائق أمني في التنفيذ.
حجر الرحى
وحول المطلوب لإعادة الحياة إلى عمل القطاع فقال عباس بأن القرار الإداري هو حجر الرحى في عمل القطاع كونه يحدد البوصلة التي تواجه العمل وتضخ الحياة لجميع الناس والقطاعات وليس القطاع المقاولات وحسب على أهمية هذا القطاع الذي يقدم خدمات تجارية واستثمارية… مشدداً ولأهمية هذا القرار على ضرورة أن يكون مرتكزاً على القانون وأن لا يتجاوز نصوصه مؤكداً في هذا الجانب على ضرورة فتح الحكومة لجهات العمل وبشكل يضمن حقوق جميع الأطراف دون الحاجة لوقوع خلافات تحتاج لعشرات السنين من أجل حلها ما بين الجهات المنفذة والجهات صاحبة المشاريع.
مضاعفة التكاليف
وفي الجانب المتعلق بمستلزمات العمل أشار إلى الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعارها والتي زادت من تكاليف العمل معطياً أمثلة على ذلك بالقول إلى أن تقنين المحروقات خلق سوقاً سوداء ليبيعها بأسعار تفوق الأسعار الرسمية والكل يعرف أهمية هذه المادة على صعيد استخراج مستلزمات العمل (البحص – الرمل…) وأيضاً أجورنقلها التي تضاعفت وهو ما انعكس بمجملة استخراجاً ونقلاً على تكلفة العمل في قطاع المقاولات الذي شهد ارتفاعاً في مختلف أسعار مواده مثل الحديد الذي وصل إلى قرابة الـ700 ألف ليرة سورية وطن الاسمنت إلى 50 ألف ليرة وقس على ذلك بقية المواد التي تضاعفت أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة وهي الأسعار التي انعكست على التكلفة وبالتالي على أسعار العقارات التي زادت بشكل كبير جعل من الحصول على منزل حلماً صعب التحقيق أمام ذوي الدخل المحدود والذين يشكلون أكبر شريحة في المجتمع السوري وهو الحال الذي أوصل قطاع العقارات إلى حالة من السبات الذي أوصله إليه التضخم النقدي الكبير وفقدان السيولة لدى الزبائن.
حول قانون البيوع العقارية توقع عباس أن يسهم في زيادة أسعار العقارات أيضاً مؤكداً على ضرورة الدراسة الجيدة والانعكاسات المحتملة له على أرض الواقع قبل إقراره أصولاً.
نعمان أصلان