العدد: 9554
الخميس : 19 آذار 2020
قال الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين د. أحمد أديب أحمد للوحدة: إن أزمة كورونا ستكون لها آثارها الاقتصادية على دول العالم كافة، وأن سورية لن تكون بمنأى عن هذه التغيرات الاقتصادية العالمية، فهذا واقع لابد من العمل به، وأن المنطق يستدعي التأهب للأزمة قبل وقوعها، وهو واجب الحكومة بالدرجة الأولى.
وأوضح أن انتشار وباء الكورونا انعكس على حركة السفر بين البلدان، وأن حظر الرحلات إلى الدول المصابة، يعني توقف المؤتمرات والنشاطات الرياضية والفنية والثقافية والسياحية والدينية، كما يعني توقف البعثات الدبلوماسية وغير ذلك مما يعتبر مصدراً للإيرادات في الدول، وأن هذا بمجمله سيؤدي إلى تراجع في الناتج المحلي الإجمالي للدول المصابة، كما سيؤثر سلباً على كافة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بحركة السياحة والسفر.
واضف إن الاستثمارات في البلدان المصابة المستقطبة للاستثمارات الأجنبية ستنخفض، وهو مؤشر سلبي للاقتصاد لأنه يعني تراجع تدفقات رأس المال الأجنبي وإغلاق المصانع وتسريح العمال، وهذا سيؤدي إلى تراجع حركة العرض بسبب انخفاض مستويات الإنتاج، خاصة عند اتخاذ تدابير صحية وقائية تمنع التجمعات التي تتميز بها الصناعات الإنتاجية، وما يرافقها من القيود المفروضة على حركة الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال، لافتاً إلى أن انتشار الوباء سيؤثر على الاستهلاك بسبب التغيرات السلوكية للمستهلكين المحليين، حيث يلتزم أكثرهم في منازلهم خوفاً من العدوى، مما سيؤدي إلى تراجع حركة المبيعات، أي إلى تراجع حركة الطلب على المواد في الأسواق المحلية، وهذا بطبيعة الحال سوف يؤثر سلباً على حركة التجارة والإنتاج، نظراً لتراجع الاستهلاك المحلي من جهة، وتراجع الاستهلاك المرتبط بحركة السياحة والسفر من جهة أخرى، مشيراً إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المصابة بهذا الوباء سينخفض بانخفاض الإنتاج والاستثمار والسياحة، ويترافق ذلك مع زيادة الإنفاق الحكومي (وخاصة الإنفاق الصحي) في مقابل نقص الإيرادات الحكومية، مما سيؤدي إلى عجز في ميزانيات الدول المصابة، عدا عن التأثر الكبير لأسعار صرف العملات الأجنبية وأسواق المال العالمية، وبالتالي انكماش الاقتصاد العالمي ككل، وأن هذا التأثير السلبي لانتشار وباء الكورونا لن يتوقف على الدول الكبرى بل سينسحب إلى الدول النامية، التي ستتأثر بتوقف الإنتاج العالمي، لأنها مصدرة للسلع الأولية الخام، وهذا يعني انخفاض الطلب على السلع الخام وبالتالي هبوط أسعارها بشدة، في مقابل ارتفاع أسعار المنتجات النهائية بحكم انخفاض كمية المعروض منها، وأن هذه التأثيرات ترتبط بمدة استمرار الوباء، فكلما طالت هذه المدة أدى ذلك إلى تدهور الاقتصاد العالمي، وأنه من المتوقع حسب دراسة لبنك التنمية الآسيوي أن تبلغ الخسائر في الاقتصاد العالمي ما بين 77 مليار دولار كحد أدنى و347 مليار دولار كحد أعلى، وهذا يرتبط بمدة استمرار الوباء في الانتشار.
وحول تأثيرات أزمة كورونا على الاقتصاد السوري لفت الدكتور أحمد إلى أن عدم تسجيل أية إصابة بهذا الوباء في سورية، هو لحسن الحظ أمر جيد، لكن هذا لا يلغي تأثرها بمحيطها المصاب، حيث أن كل الدول التي تحيط بسورية سجلت فيها إصابات بوباء الكورونا، وهو ما جعل سورية تتخذ إجراءات وقائية صارمة لمواجهة هذا الوباء، وهي إجراءات هامة وممتازة ولكنها ستؤثر بالتأكيد على الاقتصاد السوري لأنه ليس بمنأى عن الاقتصاد العالمي، مؤكداً إن الإنفاق الحكومي سيزداد بسبب زيادة الإنفاق الصحي وزيادة الدعم الحكومي للمواد الأساسية من خلال السعي لتوفيرها في المؤسسات، حيث تم فتح منافذ جديدة كمؤسسات تدخل إيجابي داعمة للسورية للتجارة، كما تم التوجيه إلى عمل الأفران بطاقتها الكلية، وهذا ضروري في الأزمات، كما أن الإيرادات الحكومية ستنخفض بشكل أكبر بسبب ركود التجارة الدولية، وبالتالي تراجع الاستيراد الذي سيسبب تراجعاً في قيمة الرسوم الجمركية على الاستيراد، كما ستتراجع الإيرادات الضريبية بسبب الركود الاقتصادي، وهذا ما سيسبب عجزاً في الميزانية الحكومية نتيجة ازدياد الإنفاق الحكومي وانخفاض الإيرادات الحكومية.
وحول مقترحاته لتجاوز الأزمة قال د. أحمد: على وزارة المالية تفعيل إجراءات مكافحة التهرب الضريبي وعدم التهاون فيها أبداً من أجل زيادة الإيرادات الحكومية، وبالتالي تغطية الإنفاق الحكومي قدر الإمكان، كما أن الحكومة يجب أن تضع سلم أولويات لتوجيه الإنفاق الحكومي كيلا يتضاعف العجز في الميزانية الحكومية، فالإنفاق الصحي في سلم الأولويات، كما أن الإنفاق على الغذاء والمواد الأساسية يأتي بالدرجة الثانية، إلا أنه لابد من خطة محكمة لتقويض تجار الأزمة، وإدارة صحيحة للدعم الحكومي حتى يصل لمستحقيه من جهة أولى، وحتى لا تحدث اختناقات في الأسواق بسبب غياب الوعي المجتمعي في الأزمات من جهة أخرى، وإنه ينبغي على الحكومة أن تستثمر البطاقة الذكية التي طرحتها في تحقيق عدالة التوزيع سواء بالنسبة للمواد الغذائية والأساسية، أو المواد الطبية كالكحول والمعقمات، بشرط أن تقوم بتفعيل كل المنافذ الممكنة حتى تمنع الازدحام على المؤسسات، لافتاً إلى أن هذا الانكفاء الاقتصادي سيكون فرصة لدعم الإنتاج المحلي، خاصة الإنتاج الزراعي، والإنتاج الصناعي الخفيف للمستلزمات المحلية، نتيجة لتوقف حركة السفر والاستيراد، وهذا سينهض بالإنتاج ويحسن مستوى الليرة السورية ويقوي الاقتصاد المحلي.
تمام ضاهر