‎بين ارتفاع تكاليفها وضرورتها.. أهميــة الطاقــة المتجــددة في تطويـــر البلاد‎

العدد : 9552
الثلاثاء : 17 آذار 2020

 

شحٍّ ووفر . . . نجد أنفسنا مضطرين للبحث عن مصادر أخرى للطاقة تؤمن لنا حاجتنا وتوفر عناء ما سبق.

هذا ما يبحث في تطويره كثير من الباحثين السوريين داخل وخارج البلاد، وللتعرف أكثر على الطاقة المتجددة، وأهمية استخدامها في بلدنا، التقينا الباحث السوري العالمي الدكتور حسن هايس الحلو من كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، وهو باحث في جامعة أصفهان التكنولوجية، ويدير عدة مشاريع بحثية عالمية ومجموعات بحثية في دول مختلفة كالهند وإيران وأثيوبيا والصين والاتحاد الأوروبي، لديه العديد من المؤلفات في مجال نظم الطاقة والتحكم بها، كما يدير عدة مجلات ومؤتمرات عالمية، بالإضافة لكونه متحدثاً رسمياً مدعواً في العديد من الفعاليات العالمية المختلفة في مجال أمن نظم الطاقة والتحكم بها.
يحدثنا في هذا اللقاء عن منابع الطاقة المتجددة وكيف يمكن أن تسهم في حل مشاكل وطننا في مجال الطاقة وتخفيف الضغط على المواطن: الطاقات المتجددة حازت على اهتمام عالمي خلال العقدين الماضيين نظراً لأهميتها وأثرها المباشر على حياة الأفراد، ولأنها مسبب لتطور المجتمعات واستقرار الدول، بشكل عام تأمين الطاقة ليس أمراً هيناً، ويحتاج إلى دراسات اقتصادية وفنية، بل وإلى قرارات سياسية لها أثر مباشر على الأمن الوطني للأمم، كما يعلم الجميع أن بعض الدول لا تملك منابع طاقة أحفورية (نفطية)، وبالتالي تضطر إلى استبدال حوامل الطاقة من دول أخرى مما يجعل قرارها السياسي مرهوناً للدول المصدرة لها ولذلك نشأ مصطلح أمن الطاقة وأحياناً يطلق عليه في بلدنا الأمن الطاقي، في الحقيقة بدأت إرهاصات مواضيع الطاقة وأمنها في القرن الماضي في الدول الأوربية كونها تعتمد بشكل مباشر على استبدال حوامل الطاقة من بعض الدول العربية والاتحاد الروسي حيث ظهرت بشكل واضح بعد قطع إمداد النفط العربي للدول الأوروبية أثناء حرب تشرين التحريرية، مباشرة بعد هذه الحادثة ظهر مصطلح أمان منابع الطاقة وكيفية تأمين الطاقة في ظل الأزمات السياسية والاجتماعية، ونظراً لكون الدول الأوربية لا تملك منابع طاقة أحفورية اتجهت نحو إيجاد منابع طاقة جديدة حيث اعتمدت بدايةً على الطاقة النووية التي رافقتها مشاكل بيئية وأمنية متعددة، أما في المرحلة اللاحقة اتجهت هذه الدول من خلال دراساتها إلى الاستفادة من منابع الطاقة المتاحة لديها بشكل مجاني، فتمّ العمل على تطوير تقنيات لتحويل طاقة الرياح والإشعاع الشمسي إلى طاقة في متناول المستهلك كطاقة كهربائية ولاحقاً تمّ العمل على طاقات أخرى كطاقة الكتبة الحيوية وغيرها، ونلاحظ مما تقدم أن الطاقة المتجددة (ريحية وشمسية) تم تطويرها في البداية لأسباب سياسية وأمنية، ولكن ظهرت لاحقاً عوامل أخرى أدت إلى بيان أهميتها بالحد من التغيير المناخي والمساهمة في الحفاظ على البيئة.

بات المواطن السوري خلال السنوات الأخيرة يسمع مصطلح هكذا طاقات وتتردد هذه المصطلحات في المجتمع العلمي والاقتصادي، إن أهمية الطاقات المتجددة تكمن في كونها تساعد الدول على الحصول على منابع طاقة مجانية تساهم في استقلالية قرارها السياسي ودعم اقتصادها ورفاهها، أما عن كيفيه الاستفادة من الطاقة المتجددة في بلادنا فقد أفاد حسن: إن الله أنعم على وطننا الحبيب بمنابع طاقات متجددة مجانية متوفرة على مدار العام وبجودة وملائمة أفضل من الدول الأخرى كالأوربية، فمتوسط الإشعاع الشمسي وجودته لتوليد الطاقة الكهربائية في بلدنا أفضل بكثير من الدول الغربية وهذا ما يميز منطقتنا، فمن الناحية الاقتصادية نجد أن تحويل الطاقة الشمسية في بلدنا آلة كهربائية هو أكثر اقتصادية مقارنة مع بعض الدول الأوربية كالدول الإسكندنافية، ومن جهة أخرى أن الطاقة الريحية لها مستقبل واعد في سورية وخصوصاً في بعض المناطق التي تمت عليها دراسات اقتصادية من قبل بعض طلاب الدراسات العليا في السنوات السابقة، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية والرياحية نجد أن بلدنا يمكنه الاستفادة من طاقة المد والجزر في بعض المواقع أيضاً، نعم وطننا يمكنه الاعتماد على منابع الطاقات المتجددة لتغطية جزء من احتياجاته بهدف زيادة أمان نظام القدرة وموثوقيتها، ولكن الوضع الراهن يصعب الاعتماد على هذه المنابع لتغطية كل احتياجاتنا من الطاقة لعدة أسباب أهمها فنية تقنية وأخرى اقتصادية، فمن الضروري وضع خطة أو رؤية للعام 2030 بحيث نحقق ما نسبته 50 % استفادة من هكذا منابع سيكون إنجازاً عظيماً بالنسبة لوطننا، إن الاستفادة من منابع الطاقات المتجددة في الشبكة الكهربائية يحتاج الى ايجاد حلول لبعض المشكلات التقنية وأهمها التحكم بالتردد الكهربائي وملائمة البنية التحتية في هكذا شبكات بحيث تستقبل منابع طاقة جديدة غير تقليدية أو أحفورية. ونوه د حسن إلى إن الاستفادة من الطاقات المتجددة لا يقتصر على الطاقة الكهربائية، فمثلاً تقليل الحمل الحراري أو ما يسمى بالتدفئة والتسخين سوف يقلل الاستجرار للتيار الكهربائي وتكون له آثار اقتصادية رائعة من خلال استخدام الطاقة الشمسية مباشرة بدلاً من الطاقة الكهربائية، للأسف إلى الآن لا توجد إرادة كاملة لدعم المواطنين لدينا للاستفادة من السخان الكهربائي والعزل الحراري في منازلهم. إن إصدار القوانين والتشريعات وتحديثها في هذا الإطار مع دعم اقتصادي مناسب للمواطن من أجل تطبيق استخدام الطاقة الشمسية لأغراض التسخين وتطبيق كود العزل الحراري سوف يوفر على البلد المليارات بل وسيسهم في تطور اقتصادي واضح تحسيناً للرفاه الاجتماعي للمواطنين، فمن جهة سوف يخف الضغط على الشبكة الكهربائية واستجرار التيار الكهربائي لهكذا أغراض ومن جهة أخرى سيقلل استخدام حوامل الطاقة النفطية لمثل هذه الاستخدامات ومواطننا يعلم جيداً أهمية هاتين السلعتين لأنه عانى من فقدهما خلال السنوات الماضية وفي الوقت الراهن مازال يعاني من مشاكل التدفئة وانقطاع التيار الكهربائي لذا نشجع الجهات التشريعية على إصدار قوانين مناسبة وتأمين دعم اقتصادي ملائم.

بتول حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار