مســــيرة الثمــــانين من الأجــــداد إلى الأبنــــاء والأحفــــاد

العدد : 9546
الاثنين 9 آذار 2020

 

لأكثر من خمسين عاماً هما يترافقان القلب والدرب، ويخطان رسائل العشق والهوى من انجراف عواطفهما لحبّ أبدي وبأغلال وسلاسل يدساها بين طيات النسمات بعيداً عن أيدي الأولاد لتبعثرها الأيام وتبقى الذكريات والأمس الجميل ينبض فيهما كل حين بومضات شعرية ممتعة من حياتهما معاً (علياء وجوزيف) وقد بلغا فيها من العمر الثمانين، لنسمع في همس ووشوشة بعض النمنمة في حوارية من السيدة عليا أخرس والسيد جوزيف جبور في ملتقى محبي الكتاب، والذي تفرد هذه المرة عن كل تلك الملتقيات السابقة بالثنائي الرائع (جوزيف وعلياء) في مسيرة الثمانين من الأجداد للأبناء والأحفاد، وقد شبههما الحضور بـ (مي زيادة وجبران) حيث قدمتهما السيدة آمال طوبال مديرة الملتقى: اقتربا من الثمانين، لكن لم يسمحا له باقتحام فكرهما وروحهما، ظلا يتفاعلان مع تجارب الماضي وحكمته بأفكار الحاضر وثقافته مما أعطاهما القدرة كزوجين على تجاوز مراحل حياتهما التي تشبه تضاريس الكرة الأرضية، في تلك المسيرة كانت الكتابة نثراً وشعراً متنفسهما المفضل وكان حبهما للأطفال هو عشقهما الوحيد فكانا الأم والأب والجد والجدة.

تبتدئ السيدة علياء بفك زمام الكلام وفتح الرسائل المعتقة أوراقها بنبيذ الحب وخمرته:
الحبّ يا ساحرة العينين حرب أزلية
وقصائد عشق وأحلام وردية
فيردّ جوزيف ويرتد لأيام الشباب والغرام..
قالوا: من هي؟ إني أحبّ صبية سمراء ملامحها عربية
قدها الممشوق حور وخداها سكاكر نقية
أسنانها اللؤلؤ عقد والآخر على العنق ثريا
عيناها إذا أشارتا بالحب قلت إلي
تراها إذا ضحكت عرفت أنها لي هدية
وترد عليا عليه رداً رسمياً ترسمه …
في عينيك: أحببتك لا كما تحب البشر
وزرعت فيهما أحلاماً لمستقبل منير
وكنت على يقين أني سأتفيأ بهما بقية عمري ليست كل الأيام سواسية بشمس صافية فقد تطفو على سمائها بعض الغيوم المتلبدة فيكون من الحبيب الابتعاد إلى قريته (دباش):
حجبوني عنك وراحوا بعداً إلى كسب وقالوا: بئس المصير
سأعود إليك مهما اشتكى
عزول ودوى صياح وهدير
هويت رباك وواديك نائماً
(الحوران) يوقظه بوشوشة وخرير فلا تخافي لومة لائم فحبي لك هو الأول والأخير
تلومه على البعد وتبثه ما بداخلها ولو كان بيدها المصير لا بقلبها:
إني أحب عينيك فلا تنبئ البحر بهذا الخبر
أعقد الشال فلو كنت معي لغيرت مجرى القدر
فلا يأتيها منه جواباً يعاتبها فيه أو يحاصرها ويعصمها عن ذنب:
إن قلت وداعاً فأرجوك أخبرني كيف يكون النسيان
إن قلت أغداً ألقاك فأنا لا أعرف للغد عنوان
مللت صبري فأي ذنب أنا وعذاب حرمان؟
هات أخبرني كيف يكون النسيان؟
يبعث لها بمرسال استعجال للوصال، عنوانه اشتياق:
لا تلومي عاشقاً في هواك زاده
وجد وهم واشتياق وهذا حال العشاق
جمع وشمل وافتراق وهجر بعد وصل
وعتاب بعد لوم وصفو بعد اشتياق
يعود ويذكرها:
كم مرة تساقينا الهوى، في كؤوس الحلم الجميل؟
وكم مرة تشاجرنا، وتعاتبنا ولكن إلى حين؟
ألا تتذكرين
كم مرة تغنينا؟ وكم مرة افترقنا ثم مشينا شبك اليدين؟
وتقول علياء:
قالوا: ما عمرك؟
قلت: بالسنين أم بمشاعري
اقتحم الشيب شعري، لكن لم يطرق باب قلبي.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار