ظـــروف العمل وصعوباته حلم لكثير من العاطلـــين عن العـــمل!

العدد : 9543
الأربعاء 4 آذار 2020

 

في كثير من الأحيان تكون الرواتب والأجور في شركات القطاع الخاص أفضل منها في القطاع العام ومع ذلك نجد تهافت الكثيرين على العمل والتعاقد لدى القطاع العام ربما لجهة الأمان، والمستقبل والمزايا التقاعدية والتأمينية وغيرها، ومع ذلك نجد في كثير من الأحيان عمال القطاع العام يرفعون شكواهم من تفاصيل صغيرة أو جراء تبعات قضايا كبيرة مثل تلك التي تحدث حالياً مع عمال مرفأ طرطوس وفي شركة غزل اللاذقية ثمة العديد من الشكاوي ومنغصات العمل التي يتفق عليها أغلب العاملين من ظروف عمل قاسية ومع ذلك هم محرمون من فرصة أو ميزة تسميتهم أو تصنيف عملهم ضمن الأعمال المجهدة، وقد أكد لنا العامل (ع. ع) أنه يعاني من أمراض تنفسية وصدرية جراء ظروف العمل وعدم وجود نظام تكييف صيفاً وفي الشتاء يعملون ضمن درجات حرارة مرتفعة داخل الشركة وعندما يغادرون يتعرضون إلى درجات الحرارة المنخفضة الأمر الذي يؤدي إصابتهم بالأمراض الصدرية ولفت أيضاً إلى تدني أجور الحوافز وانعدام تعويض الاختصاص، كما أن العمال الفنيين محرومون من الوجبة الغذائية أو قيمتها والسبب أن نظام الشركة يمنح عامل الإنتاج فقط علماً أن قيمة كرت الوجبة الغذائية مثار تندر وسخرية هو الآخر حيث تبلغ قيمته فقط ثلاثين ليرة سورية عمال شركة الغزل يعملون صيفاً في بيئة عمل كأنها فرن ولكن ثمة عمال آخرون يعملون في ظروف عمل قاسية وربما لا تقل خطورة عن هؤلاء ولكنهم لا يملكون نقابة يشتكون من لها أو تسعى لتأمين مطالبهم، إذاً، عمال الغزل لديهم نقابة تسعى لتأمين ظروف عمل أكثر إنصافاً ولكن ماذا عن البحارة السوريين من مختلف المهن والاختصاصات الذين يجوبون أصقاع المعمورة بحراً في ظل ظروف عمل قاسية وخطيرة في بعض الأحيان وكثيراً ما يتعرض هؤلاء العمال للغبن والظلم والتعدي على حقوقهم وكثيراً ما تضيع حقوقهم أو أرواحهم أو قطعاً من أجسادهم وليس هناك من نقابة تتكلم باسمهم أن تحفظ حقوقهم أو حتى نتفاوض عنهم أو تسعى لإنصافهم وتعداد هؤلاء البحارة بحدود (25) ألف بحار وربما أكثر وهنا لابد من الإشارة إلى محاولات حثيثة لإيجاد تنظيم نقابي يشمل هؤلاء البحارة إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل لأسباب كثيرة منها القوانين والشروط المكانية التي تفترض وجود أرض أو مكان العمل ومعلوم أن البحارة لا يعملون على اليابسة وليس لهم أرضية ثابتة إضافة إلى أسباب أخرى يسعى البعض إلى تذليلها لا سيما بعد إحداث جمعية البحارة التي تعمل حالياً كجهة مسؤولة عن البحارة وإن كان هناك الكثير من المهام لا تستطيع القيام بها، وتسعى جاهدة لتوسيع مجالات عملها وخدمة البحارة قدر الإمكان سواء داخل البلد أو خارجه. 

أفضل من العطالة
رغم مرارة وقساوة ظروف العمل لدى فئات عديدة من العمال يبقى العمل حلماً جميلاً لكثير من العاطلين عن العمل ويبقى الراتب على بساطته حجراً يسند جدار كما يقول البعض، وقد التقينا عمال من أكثر من جهة واتفق أغلبهم على مطلب تعديل الرواتب والأجور وزيادة الحوافز والتعويضات، عمال النظافة على سبيل المثال لديهم الكثير من المعاناة والمطالب وهم محقين في كافة مطالبهم، ثمة عمال مياومين لديهم شجونهم ومعاناتهم أيضاً عمال المخابز لديهم صعوبات عمل كثيرة ولديهم مطالبهم الخاصة، أما عمال مرفأ اللاذقية فلا يزال موضوع منح الأجر المتحول مثار بحث وجدل مع الجهات المعنية على الرغم من مرور سنوات على تشريعه.
إذاً هؤلاء العمال لديهم صعوبات عمل ومشاكل ومطالب ولكن بالمحصلة لديهم عمل هو حلم بالنسبة للعاطلين عن العمل كما أسلفنا ولديهم جهة نقابية أو إدارية تستمع لمطالبهم سواء تحققت هذه المطالب أم لم تتحقق لديهم ضمان صحي وتأمينات اجتماعية ولكن في المقلب الآخر هناك عمالاً لا يمكن وصفهم أو تبعيتهم للقطاع الخاص لأن العاملين في شركات القطاع الخاص أفضل حالاً منهم بكثير، إنهم عمال الأجرة وبائعو البسطات والعاملون في بعض الورش والمقاهي وغيرهم من المهن اليدوية ممن تتطلب طبيعة عملهم فترات عمل طويلة، وجهداً عضلياً وليس هناك من ضمانات أو أي شكل من أشكال الحماية نذكر على سبيل المثال لا الحصر حالتين أو أكثر الحالة الأولى للشاب أيهم الذي فقد كف يده في المخبز الذي كان يعمل به أثناء عملية العجن وتحديداً على آلة العجن التي التهمت أصابعه كاملة ،أيهم شاب ليس مسجلاً في التأمينات الاجتماعية ويعيل أسرته ولا يملك مالاً سوى أجره اليومي وفي اليوم الذي لا يعمل به لا يجد ثمناً لطعامه وأسرته، وعندما فقد يده ما كان منه إلا الصمت أمام بضعة آلاف قدمها له صاحب المخبز، الحالة الثانية لليافع عمار الذي يعمل صانعاً في ورشة النجارة هو الآخر فقد إصبعه على آلة القص وهو لا يزال في العاشرة من عمره وهنا لا نتحدث عن عمالة الأطفال وإنما عن ظروف عمل قاسية وعدم وجود ضمانات وجهه حماية لهؤلاء العاملين.
أما الحالة الثالثة فهي للعم (أبو علي) الذي سقط عن السطح الأخير للبناء الذي يتم صبه وانكسر عموده الفقري وأصبح مقعداً باقي أيامه وكذلك كأن شيئاً لم يحدث وانتهى الأمر ببضعة آلاف من صاحب العمل أو المتعهد وهدية وهكذا نجد أن ظروف العمل لدى القطاع العام تبقى أكثر أماناً وآمناً وحماية من ظروف عمل لعمال آخرين وإلى هنا لم نتطرق إلى الحديث عن ظروف العمل لدى شركات القطاع الخاص التي يتسابق الكثيرون للفوز بفرصة للعمل لدى إحداها.
العمل عمل
العمل لدى شركات القطاع الخاص كثيراً ما يكون مغرياً لجهة الأناقة والبريستيج والأجر المناسب ربما لساعات العمل الطويلة وطبيعة العمل حيث يؤكد خالد ياسين أحد العاملين في شركة إنتاج مواد غذائية خاصة أن العمل لدى شركات القطاع الخاص يعني عملاً وليس كما هو الحال لدى القطاع العام، في القطاع الخاص عليك أن تعمل طيلة فترة الدوام التي كثيراً ما تكون أطول مما هي عليه في القطاع العام وقد أكد أنه لا يستطيع تدخين سيجارة خلال فترة العمل من ضغط العمل وتواتره، وليس هناك وقت تسلية أو فكاهة أو هروب أو كما يحدث في القطاع العام، ولكنه أضاف أن الأجر جيد ويناسب العمل ويعتبر مجزياً قياساً لرواتب القطاع العام. ويذكر أن شركات القطاع الخاص أغلبها يكون للعاملين لديها سجلات في التأمينات الاجتماعية وضمان صحي وطبابة ومزايا أخرى. تتفاوت بين شركة وأخرى وطبيعة عمل كل من العاملين.
عمل النساء والفتيات
بقي أن نتحدث عن طبيعة عمل النساء التي هي بحد ذاتها لها شجونها الخاصة بها، بداية لابد من التأكيد أن العاملات لدى القطاع العام لهن وعليهن ما للعاملين من الرجال ولهم، أما العاملات في القطاع الخاص فثمة تفاصيل كثيرة تحيط بآلية عملهن، هناك جهات وشركات خاصة ذات سمعة ومصداقية يكون للمرأة العاملة كافة المزايا والمستحقات وليس لديهم شكاوى سوى ما لدى باقي العاملين، في حين نجد نساء وفتيات يتعرضن لأعمال مجهدة لا تناسب طبيعة جسدها مثال ذلك هالة التي تعمل في ورشة لصناعة المخللات أنها تضطر إلى حمل أوزان ثقيلة من الخضار المعدة للتخليل أو عبوات المخلل الأمر الذي أدى إلى تعرضها إلى آلام مبرحة في الرقبة والكتفين أما سماهر فقد عبرت عن استيائها من ظروف عملها نتيجة التحرش الذي تتعرض له في محل بيع الألبسة سواء من الزبائن أو المارة أو أرباب العمل ولكنها مضطرة للعمل كما أكدت، كثيرات يعملن في مكاتب خاصة أو عيادات خاصة أو محال تجارية أو حتى في المنازل يعانين أيما معاناة من الغبن وضعف الأجر والتحرش كل حسب حالتها.

هلال لالا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار