العـــــدد 9531
الإثنــــــين 17 شــــــباط 2020
في منطق كرة القدم يُعد حارس المرمى نصف الفريق، وصمام أمانه الأول، هكذا قالوا، وهكذا سمعنا من السلف الكروي الصالح، ولكنهم لم يكونوا على علم بما ستؤول إليه حراسة المرمى في نادي جبلة، فلو علموا بنكبة مركز الحراسة في هذا النادي العريق، لعدلوا المقولة (مجاملة)، ولربما اكتفوا بالقول أن دور حارس المرمى لا يشكل أكثر من عشرة بالمئة.
أزمة، بل كارثة، ضربت مركز حراسة المرمى في ناد قدم العديد من الحراس الأكفاء لمنتخب سورية، فمنذ سنوات طويلة لم يُخرج هذا النادي أي حارس يعتد به، إذ يعتبر أسامة حاج عمر آخر العنقود، وبعده لم يهتد هذا النادي إلى مؤتمن واحد على شباكه، ليضطر في كل عام إلى استجلاب حراس من خارج النادي دون المستوى المطلوب، مما زاد الطين بلة والمريض علة.
تذكروا معنا أنه اجتمع في يوم من الأيام كل من مالك شكوحي ومازن كوسا وعبد القادر عبد الفتاح على كشوف نادي جبلة، وكان باستطاعة المدرب آنذاك تسمية أي واحد منهم ليشارك كأساسي مع الفريق الأول بلا حسابات مسبقة، وتذكروا أيضاً أن غياب الشكوحي سمح للكوسا باللعب كأساسي، ورحيل الكوسا سمح (لعبود) أن يقف بين الخشبات، وكلهم تناوبوا على حراسة المنتخبات السورية، وحتى مع وجود هؤلاء كانت الفئات العمرية تضم حراساً جيدين، ولكنهم لم يشاركوا كثيراً مع الفريق الأول لوجود عمالقة كالذين ذكرناهم أعلاه.
بين تلك الحقبة والحقبة الحالية وقعت الكارثة في مركز حراسة المرمى الجبلاوي، وشكل هذا المركز نقطة ضعف لا حل لها في المدى المنظور، وإن كان بعض الحراس في المدارس الكروية الخاصة يبشرون بالخير، إلا أن المسافة بين الحاضر والمستقبل تشكل فراغاً كبيراً من الصعب سده.
من يراجع مباريات فريق جبلة الأول لعدة مواسم خلت، سيجد أن معظم الأهداف التي تلقاها ناتجة عن أخطاء فردية لحراس المرمى، وسيجد أيضاً أن غياب الحارس المتمكن كان سبباً رئيسياً في تموضع فريق جبلة ضمن دائرة المهددين بالهبوط، فكم ضيعت أخطاء حراس المرمى نقاطاً كانت كفيلة بوضع النادي الأزرق في موقع مريح على سلم الترتيب، وكم ضاع جهد الفريق بأكمله، وتلفت أعصاب جماهيره بسبب هفوة لحارس مرماهم؟.
ما ينطبق على الفريق الأول ينسحب على باقي الفئات، ففريق الشباب القابع في ذيل الترتيب يعاني من الأزمة ذاتها، وقد يجمع كل متابع لهذا الفريق بأن نقطة ضعفه القاتلة هي حراسة المرمى، ولولاها لاختلف الوضع، وتحسن مركز الفريق على سلم الترتيب، وهذا المرض العضال ليس في الموسم الحالي فقط، والدليل على ذلك، أننا لم نر أي حارس شاب منذ زمن بعيد يدافع عن ألوان الفريق الأول بعد ترفعه من فئة الشباب.
في السياق ذاته، شاهدنا قبل أيام فريق أشبال جبلة يفشل في التأهل إلى البطولة النهائية لأشبال سورية بسبب عدم امتلاكه لحارس يجيد الوقوف بين الخشبات، فتلقى الفريق جملة أهداف لا تنزل في ميزان ولا في قبان، وخسر فرصة ذهبية للوصول إلى التجمع النهائي بعدما كان مرشحاً قوياً لحجز إحدى بطاقات التأهل عن محافظة اللاذقية.
لن نخاطب أي إداري في نادي جبلة، ولن نعتب على من سبقوهم، فلا فائدة ترجى من هذا الحديث، ولكننا نوجه السؤال لمدربي الحراس في هذا النادي، ونعتب عليهم كثيراً لأنهم لم يستطيعوا تخريج حارس واحد من مدرستهم، ولم يعملوا على مشروع خاص بهم لرفد النادي بحراس موهوبين،يملكون القدرة على صون تاريخ هذا المركز في نادي جبلة.
ربما يقولون بأن إدارات النادي المتعاقبة لم تدفعهم لمشروع بهذا الخصوص،ولكننا نبحث اليوم عن مشروعهم الشخصي بلا دافع من أحد، فالمبادرات الفردية هي أساس البصمة الحقيقية في كل مجالات العمل، ومن ينتظر الآخرين سيبقى تحت جناحهم، وسيسير في ركبهم إلى (اللا إنجاز).
تأخر الأمر كثيراً، ولكن المستقبل سرعان ما يصبح حاضراً، وعلى من كسُل في الأيام الخالية أن يجتهد اليوم، ويقرب عقارب الساعة ،لنرى جيلاً متطوراً من حراس المرمى، ولا تنسوا أن كرة القدم أصبحت تطعم خبزاً، وأي مشروع من هذا النوع ،سيحقق لكم مكاسب كبيرة.
غيث حسن