البيـــت الترابي مالـــت عليــــه شمــــس الغـــــروب

العدد: 9531

الأثنين 17-2-2020

 

كانت جميع القرى تبنى بيوتها من الطين وفي أماكن يصعب الوصول إليها وكان الشرط الأساسي هو وجود المياه في أماكن تجمعها.
فالبيت الترابي مستطيل الشكل وكل بيت تلازم سطحه صخرة ثقيلة تسمى (المعرجلة)، يجرها الفلاح بقوس خشبي مخصص لذلك وأمام البيت تتوسط المصطبة الدار لأعمال المرأة ولمات الأسرة والأقارب، وعلى إحدى زوايا السطح كانت ترتفع (الروزنة) على شكل مخروطي، وتركن بعتبته شجرة توت أو تين.
أما الجدار الأمامي للبيت فهو مأوى للطيور والحمام وغير ذلك وعلى جانب كل بيت أو خلفه يعلو الدرج من القطع الحجرية والطين ليتمكن الفلاح من الصعود لسطح البيت لأجل تشميس الحبوب المسلوقة وعصير البندورة والدبس وغير ذلك، من الأعمال الواجبة لمحاصيلهم الزراعية كما أن هناك (خابة فخارية) وعلى وجهها طاسة كبيرة للشرب على باب المنزل، كما أن القفل والمفتاح من الخشب من جذور شجر السنديان فهم كانوا آمنين لا يخشون من جانب الأهل والجيران حتى ولو بقي باب الدار مفتوحاً، (وللساموك) مهمات عديدة على أنه محور السقف فهو أيضاً متكأ الضيف الجالس على الحجر المغطى بالأطمار القماشية، كما أن هناك الحجارة المتعددة التي ترصف الدار لتحمي التربة من الانجراف ومن ماء المطر كما كانت تدق المسامير على الساموك لتعليق بعض الحاجات كالقنديل أو الطماقمية وهي قطعة قماشية مستطيلة مكونة من عدة جيوب واحدة لوضع الأزرار والأخرى للحبكات وثالثة للإبر والخيطان وأخرى لكحل العيون ويمكن أن تعلق على الجدار فتكون بمثابة حاملة لأدوات الخياطة والمكياج وتظهر أهمية الساموك خاصة بتشبيهه عماد الأسرة وكانت توضع جانب الساموك كراس من التنكات لجلوس الضيوف عليها وهم يتناولون الزوفا أو الشاي كما أن هناك وجود (السمندرة) أو الخزانة توضع فيها الأدوات المنزلية والشيء المميز في البيت الريفي القديم أن البيت يقسم إلى أقسام كبيرة لإقامة الإنسان والمؤونة من الحبوب والحطب والحيوانات ولكل قسم منفذ لدخول الهواء والضوء إليه نهاراً وكانت وسيلة الإضاءة في البيت هي القنديل وهو قمع معدني يمتلئ بالكاز لشعلوا فتيلته.
كذلك أدوات المطبخ أطباق قش من السنابل مختلفة الأحجام وطنجرة نحاسية للحليب وأخرى للبن وطاسة للماء، وأخيراً لا يمكن أن ننسى التنور فهو مرافق للبيت الريفي.
ويتذكر المعمر أبو أحمد بحنين وغصة تلك الأيام، فسكن الإنسان القديم لم يكن جداراً وحسب بل بيتاً للروح والقلب وبيتاً للفرح والحزن وجزءاً من السنوات يفوق فيها التعب والشقاء لكنهم عاشوها ببياض وأفراح ونرى حالياً الكثير يبنون بيوت مشابهة لبيوت الأجداد، ولكن تبقى للقديم صدى لصوت من حجر ينطق بما كان ولتبقى بيوت من طين وساكنوها من ذهب.

عواطف الكعدي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار