العدد : 9530
الأحد : 16 شباط 2020
ها أنت وسط هذا الضجيج، وسط هذا الفراغ، وسط هذا التساؤل.. تنظر إلى الأفق تراه بعيداً لا لون له.. سراب .. سراب.. ترفع يدك نحوه.. لا تصله يدك.. تحاول أن تقبض على قمر هو في سمائك.. تحرقك جمراته.. تضحك من نفسك، يضيق بك المكان.. تحاول أن ترفع صدرك لتأخذ أكبر ما يمكن من الهواء، يضيق صدرك..
يضيق كمساحة كف طفل صغير، تفتح ذراعيك للآخر، تحسّ أن المكان ضيق عليك، ولا يتسع لشهقة عاشق مشتاق..؟
غدرتك الأيام، غادرتك الأحلام، هجرتك الأغاني التي تحكي عن الحب، وأيام الفرح، لم يبقَ شيء لك سوى أن تقبل ما يفرض عليك..؟
تأملت هذا الكون فوجدته مليئاً بالنجوم الشاحبة، وتساءلت عن انكسار خطوط العرض والطول في دائرة عمرك..؟ وإن مدارات الجهات أتعبتك..
رحت تفكر بأسرار الكون ليل نهار.. وأنت لم تدرِ أنك كلما أوغلت أفكارك بالمدى الفسيح، ابتعدت أكثر وأكثر عن موضع قدميك..
فتحت كفك الأيمن أغمضت عينيك على رماد أحمر يغطي أصابعك.
فتحت كفك الأيسر، تطايرت أوراق الخريف من أشجار أحلامك، نظرت للنافذة التي طالما دخلت الشمس منها إليك لتدفئ روحك.. رأيت دخاناً قاتلاً يطير من فنجان قهوة مساءاتك، وعرس الحزن يقرع طبوله في أذنيك، لعّلها عبرتك الفصول، أم لم تتسع ضفاف روحك لأنهار الأسئلة..
هو وجهك معفّر بالغربة والانكسار, مبلل بالدمع والثلج البارد وحبّك ضباب, وألف خيبة.. وألف سؤال وسؤال.. الآن .. أحفر صورة وجهك فوق سرير ذاكرتي.. وأراك في الحلم، تحمل حقائبك وبعيداً بعيداً ترحل؟ ناديتك … والنداء يلفه الحنين. وداعك مرّ.. ودمعك مالح.. اليوم.. أدركت أنك أكبر مما كنت أتخيله.. وعرفت ما كنت منك أجهله.. فات الأوان.. ومضى العمر على أواخره.. نار بعدك في هشيم القلب تشعله…؟
غازي زربا