العلاقة بين لوحة الغلاف ومضمون الكتاب

العـــــدد 9524

الخميس 6 شــــــباط 2020

 

أصبح اختيار غلاف جميل لكتاب ما يشغل بال المؤلف، لأن الشكل مفتاح ومدخل لجذب القارئ في محاولة المواءمة ما بين طرفي ثنائية (الشكل والمضمون).
لكن إلى أي حد يمكن أن يكون من المهم الربط بين موضوع اللوحة المختارة ومضمون الكتاب ؟
وماذا سيكون شعور القارئ حين سيجذبه غلاف أنيق يحمل صورة عمل فني إبداعي . . عندما يقرأ مضموناً لا ينسجم معه أو قد لا يرتقي إلى سويته؟
حول تلك العلاقة بين الكتاب وغلافه حاورنا عدداً من الكتاب والفنانين التشكيليين والمهتمين علنا نصل إلى إجابة وافية، فبينما يرى الدكتور أحمد حيدر رئيس تحرير مجلة عشتار أنه ليس ضرورياً أن يكون الغلاف معبراً عما في الداخل لأن الموضوع برأيه لا يتجاوز حدود (الاتيكيت) والموضة شأنه شأن العنوان الذي يأتي أحياناً بشكل عفوي وغير مبتذل، نجد في الجانب الآخر عدداً كبيراً ممن يصرون على ضرورة الانسجام ما بين الشكل والمحتوى، فالفنان نزار سعود يرى الغلاف مشابهاً لوجه الإنسان الذي هو أول ما تتفاعل العين معه ثم تنتقل إلى الداخل، لذا من الضروري أن يكون له دلالة واضحة تشد القارئ ليدخل إلى مكنونات العمل فالغلاف عنصر جذب لشيء مجهول.
ويؤيده فيما ذهب إليه النحات جابر أسعد الذي يرى علاقة وثيقة بين الشعر وباقي الفنون فاللوحة فيها موسيقا وشعر، والشعر عبارة عن لوحات وصور لذلك من الجيد مراعاة ذلك في اختيار لوحة الغلاف.

وعن تلك العلاقة تتحدث الشاعرة والفنانة رنا محمود قائلة: عندما اخترت عنوان ديواني (صرخة أنثى) كان لابد لي أن أبحث عن عمل فني ينسجم مع مضمون الكتاب وعنوانه بحيث يشكل من يراه فكرة مبدئية عن المحتوى تحفزه لاقتناء الكتاب.
وهذه الفكرة أشارت إليها أيضاً الشاعرة مها فاضل التي اختارت لوحة معبرة تماماً عن محتوى مجموعتها (في سرير الكلام)، فالغلاف يجب أن يكون مبتكراً صادماً يثير الدهشة والفضول ليجذب المتصفح ويبدأ بقراءته.
وقد ذلك ظهر جلياً عند السيدة وفاء سليطين المهتمة بشؤون الأدب والفن لأن الصورة كما تقول تلفت نظرها وتترك لديها انطباعاً يحفزها لتصفح كتاب ما واقتنائه لذلك من المهم أن يحسن المؤلف انتقاء غلاف مميز ومعبر عن المحتوى.
وتقول الشاعرة فرات إسبر: بالنسبة إلي أفضل الترابط الفني بين الكلمة واللوحة واللون وحتى العنوان لأن ذلك كله يشكل وحدة متكاملة فيخرج العمل الأدبي فنياً كأنه لوحة ما يزينها الانسجام اللوني والفكري مما يعطي قيمة أكبر للكتاب ومعنى أجمل للنص الشعري الذي أؤمن به.
ولعل خير ما نختم به هذا الاستطلاع رأي الفنان سموقان أسعد الذي زينت أعماله الفنية أغلفة عدد كبير من الكتاب والشعراء، يقول سموقان: لوحة الغلاف مهمة جداً لأنها الوجه الأول الذي يراه المشاهد، فمن المهم أن تكون اللوحة جذابة أولاً، وإن كان لها ارتباط بموضوع الكتاب سيكون ذلك أجمل.
فيما مضى كنت قد صرحت أكثر من مرة أن أجمل غلاف هو الذي ليس له علاقة بمضمون الكتاب، كنت أظن أن عنصر الدهشة أهم بحيث يأتي المحتوى مفاجئاً ومغايراً لما توحي به لوحة الغلاف وهذا ما حصل في كثير من الكتب التي حملت صوراً لأعمالي، لكن عندما اختارت الشاعرة فرات لوحتي (شجرة الحياة) لديوانها (تحت شجرة بوذا) وجدت الأمر مميزاً لا سيما بعد أن قرأت المحتوى ووجدت القيمة الشعرية فيه عالية وتصل للقارئ بشكل مباشر وتضعه في عالم غرائبي من الدهشة فهي تقدم الكثير من الصور في شعرها بحيث يمكن للفنان أن يقيم معرضاً كاملاً على قصيدة واحدة لقد كانت تجربة ممتعة ذلك الارتباط بين العملين الأدبي والفني لكلينا.
وفي الختام وحتى تكون كلمة حق لابد من الإشارة إلى أن ثمة كتب كثيرة قيمة ومفيدة، ولكن أغلفتها عادية وغير جذابة، وثمة أخرى خارجها رائع ومحتواها فارغ.

نور عمران

تصفح المزيد..
آخر الأخبار