العــــــدد: 9522
الثـــلاثـاء 4- 2- 2020
ألا أيّتها الأيّام الّتي ما زالت تفرُّ من الأمس هاربةً نحو الغد مروراً باليوم الّذي يقف حائراً ماذا يفعل كي يجمّل ما مضى ويسعى نحو ما هو أفضل، ألا أيّتها العيون الّتي تفرّ من محاجرها إلى الأفق السّرمديّ الّذي لا يحدّه حدٌّ ولا تقصر المسافات به ولا تصغر المساحات ..انظري إلى ما سنكون عليه من حياة وما سنكون عليه من دربٍ نسير إليه وعليه، ألا خطّي درب الحياة فوق جسر المدى واجعلي صوت الحياة يرجّ الصّدى، وأنا الصّديّ إلى الحياة التي سأقطف من بلح الضّوء ثمراً ألوكه في فم المرمر.
هو الفجر الّذي ننتظره يخرج من عتمة الأمس كما البرق يشقّ ظلمة السّماء كما المطر يغسل الشجر ويروي الثمر، ما أجملكَ أيّها الضّوء الطالع كوجه حبيبتي، كما قمرٌ منيرٌ يُبدّد ظلمة العتمة، ما أجملكِ أيّتها الغالية التي على سناكِ وضيائك يستند العمر وتُرمى ظلامات الزّمان مهزومة مكسورة فيسقط الضّوء الأبيض ويرتحل الخيط الأسود.
ألا أيّتها الغالية الواقفة نصب عينيّ ما أبهاكِ تطلّين على دربي وقد أزهرت قبلما أعلنتِ المجيء ليستقبلك ويأخذ من شذاكِ وفوح عطركِ ما يعطّر الزّهر ويُضيء أيّام العمر, ألا أيّتها الغالية: مَن قال لا فرق، بل هو الفرق بين وجهكِ واكتمال البدر، فأنتِ أنتِ وما أسفي إلاّ على بدرٍ اكتمل في ليله وأنتِ تكتملين في ليالي العمر تسقطين الضّوء على فنن الشجر فتسجع السواجع وتغرّد البلابل ويرفّ غصنٌ وتتمايل غصون فرحاً بالضّوء المنير وما يحمله الأثير فيغار البدر من بريق عينيكِ الّلتين تشبهان منارة بحّارةٍ أدركوا أنّها بداية مدينة يتوهون في طرقاتها وتأخذهم أزقّتها إلى أساطير التاريخ وأغنيات الحبّ .
ألا أيّتها الغالية لو تعلمين أن الشّعراء ما قالوا الشّعر لولا الهيام ولولا طيف المنام الذي يستطيبه العشّاق في غفلة الحبيبة عنهم كي يعودهم ولا يفارقهم وكأنّ الطّيف مُودَعٌ في خزائن العتمة والمنام، وكأنّ الحبّ يزيد الجنون وبه يكتمل الغرام.
كوني يا غالية.. حبيبة عمري الكانَ وعمري في كلّ الزّمان وكلّ مكان فأنتِ الكون كلّه والأكوان وأنتِ العمر وفيكِ يختصر نفسه الزّمان ويتجلّى معنى الجمال وعلى عتباتكِ يقف الكلام ويعجز اللسان فأنتِ النّدى وأنتِ الصّدى وأنتِ يا حبيبة عمري الأفق السّرمدي والمدى .
دعيني كنورسٍ مُهاجرٍ يحطّ على شال كتفيكِ ودعيني مطراً يرشّ نداه على خدٍّ تورّد ومبسم قد خبّأ فيه الجُمان، دعيني أتعطّر بعطر حبّك سيدتي فالابتداء أنتِ وفيكِ الانتهاء.
نعيم علي ميّا