العــــــدد: 9522
الثـــلاثـاء 4- 2- 2020
إذا عقدنا الرجال باتجاه المستقبل بقصد البحث عن فرص العمل وعن الدور الذي يمكننا أن نشارك به في تطوير مجتمعاتنا وتطوير الإنسانية فهل مسيرنا سيكون سهلاً وهل طريقنا واضحة المعالم والرؤى؟ أم هناك الكثير من المهارات والكفايات والأدوات التي يجب أن نحملها معنا في رحلتنا لنحقق ما نصبو إليه.
إنّ دخول التكنولوجيا والتقنيات المتطورة وعلومها إلى مجال التعليم وإلى مجالات العمل أحدث تغييرات هامّة كان لابد من اتخاذ القرارات المناسبة حيالها، وتسعى وزارة التربية جاهدة للحاق بركب الحضارة ومواكبة تطورات القرن وتعمل جاهدة لمواجهة التحديات المهنية وامتلاك المهارات المناسبة من (تفكير ناقد وحلّ المشكلات والتواصل والتعاون والإبداع والابتكار).
كما وتسعى لتهيئة البيئة المحفزة والمشجعة على الإبداع وتتشابك مع بقية الوزارات لتأمين البنى التحتيّة من قاعات درسيّة ومسارح وتقنيات حديثة وغيرها من الموارد التي تساعد على النمو والارتقاء كما تضع خططاً لتطوير المعلمين مهنياً ليكونوا قادرين على المشاركة الحقيقية في صناعة الإنسان وفق أدوارهم الجديدة وتؤكد وزارة التربية على أهمية التشاركية مع المجتمع المحلي كي يصل إلى مستوى التفاعل والقدرة على أخذ دوراً أساسياً في عملية التطوير.
وللإعلام التربوي الدور الرائد في الإضاءة على الجوانب الإيجابية والإشارة إلى الهنات والعثرات ونقاط الضعف لمعالجتها والوصول إلى معايير الجودة المطلوبة لأنّه ما يزال لدينا في مؤسستنا التربوية من أصحاب النهج التقليدي الذي يرى في التطوير مخالفة لنهجه فيعرقل ويعترض ويؤخّر العجلة والبعض منهم بارعون بحلّ المسائل وتعليم الأبناء أفضل الطرق لحفظ المعلومات وإيجاد النواتج الصحيحة وتحصيل الدرجات في الاختبارات التي تقيس مستويات الفهم والحفظ والتذكّر وقد ترتقي للتحليل والتركيب والتطبيق.. لكن هل يستطيع أبناؤنا وفق ما تعلموه أن يفكروا خارج الصندوق أو يمتلكوا مهارات التفكير الناقد والحوار الهادئ والتواصل الفعّال أو هل يستطيعون حلّ المشكلات وهل لديهم القدرة على اتخاذ القرارات والتفكير الإبداعي!
هل التعليم التقليدي يجعلهم ينخرطون في العمل برغبة ومتعة وشوق فيفهمون العلوم بطريقة ميسرة وسهلة ويسلكون أساليب التفكير العلمي الممنهج الذي يدفعهم ليقدموا لمجتمعاتهم الابتكارات المفيدة من خلال ربط ما تعلّموه بقضايا المجتمع ومشاكله ثم ينطلقون نحو التنافس العالمي ومواجهة التحديات المهنية في عالم التكنولوجيا المتغيّرة وتتحول معارفهم وعلومهم التي حصّلوها إلى مرتكزات وقاعدة ينطلقون منها نحو فضاء الإبداع ولابتكار.
ومن هنا تبرز أهمية إيجاد نظام تعليمي يجعل العقول تحوم وتتنقل فوق كافة الأنواع من العلوم فتأخذ من رحيقها المفيد وتعود لتصنع عسلاً مفيداً وغذاء يلبي سوق العمل ويحلّ المشكلات العالقة.
ربما يقول أصحاب الاختصاصات أنّ مادتهم هي المنطق وهي الأساس ويتصارعون فيما بينهم لكن العسل المفيد كما قلنا لا يأتي من نوع واحد من الأزهار..
فهَا هم رواد الرياضيات يصفون مادتهم بأنّها الاهم وإنّ تعليم أساليب التفكير المنطقي ينطلق من تعليم الأشكال الهندسية والرموز ثم الانطلاق بلغة مشتركة لجميع العلوم لإكساب المتعلم المحاكمة المنطقية والتفكير المنطقي وتحليل المشكلات وتركيب الحلول.
وهواة الفيزياء يؤكدون على أنّ فهم الظواهر الطبيعية والتغيرات والقوانين تأتي من خلال فهم الفيزياء والتجريب والبحث وكذلك يؤكد هواة الكيمياء على أهمية فهم التحولات والعلاقة بين المواد وما يطرأ عليها من تغيرات في الصفات وعلى إنتاج مواد جديدة لها طاقة مختلفة وتركيب وبنية مختلفة وأهمية ذلك في الصناعات وكل ذلك لا يتم إلّا إذا سلحنا الأجيال بعلوم الكيمياء وأسرارها وفروعها، أما رواد علم الأحياء فينظرون إلى مادتهم بأنها الأشمل والأوسع وهي التي توضّح التوازن والنسب والتنوّع في الكون وتغييّر الأسرار وتكشف عن العلاقات وترتبط بالطب وبالطبيعة وبالعلاقة بين الكائنات.
ثم يختم رواد المعلوماتية ليوضحوا لنا أهمية علومهم في المستقبل ويفترضوا أن الحروب في المستقبل ستكون حروباً الكترونية والغلبة فيها لمن تثقف وتسلّح بهذه العلوم وأن الغلبة ستكون في المستقبل في الوظائف وفُرص العمل للآلة ولمشغّل الآلة.
وهنا تبرز مسؤوليتنا في تمكين المتعلمين من الحدّ الأدنى من المعارف والمهارات والتقنيات المفيدة لهم وأنه يجب أن ندرّبهم على أساليب إيجاد الحلول لحفظها عن ظهر قلب وأن تمكنهم من الطرائق المختلفة لإيجاد الحلول لا أن يحفظوا طريقة مقولبة وهذا لن يتم إلّا إذا انطلقنا من موقف إيجابي نحو التطوير ومن فهم صحيح وعميق واقعي لأهمية التطوير لأنّ أبناءنا يحملون مشعلاً يحمل لهم دفء الانتصار ونور الأمل والثقة بأنّ الغد أفضل وأننا في الاتجاه الصحيح.
باسم إبراهيم شرمك