العدد: 9296
20-2-2019 العدد: 9296
لا قيمة لحياة الإنسان إن لم يكن هناك أعز من الحياة، عندها لا يبالي بما يصيبه وإن تعض للهوان أو الضياع، فما مضى فات والمؤمل في غيب ولنا الساعة التي نحن فيها، وعلينا أن نتطلع ليوم أحسن من يوم فات، ونسأل ماذا قدمنا فيما مضى من العمر؟
عندما تتراكم علينا الهموم نهرب من أنفسنا كأن نقوم برحلة علّنا ننسى ما نحن فيه إلى حين، وهذا محال فإن نزلنا البحر تأتينا همومنا على أمواجه أو تنتظرنا على شاطئه، فنعود كصياد خالية شباكه من أي صيد لكن همومنا تسير أمامنا.
وقد يزور أحدنا قريبه أو صديق له ليسأله رأيه فيما هو فيه لعله يرشده إلى حل يراه مناسباً فلا ينال إلا الخيبة، فأصدقاء وأقرباء هذا الزمن لا يعنون هذا الاسم.
وعندما يركن إلى نفسه يذهب بأفكاره إلى كل الاحتمالات ضارباً أخماساً بأسداس، فيرى عليه أن يتحلى بالصبر مهما كان مرّاَ، وقد يلجأ بالسؤال إلى أحد مدّعي الثقافة أو التحصيل العلمي لقناعته أن أمثال هؤلاء لديهم الحل المنشود فلا يحصد إلا الندم، ولهذا ليس عجباً أن يحوم حول أمثالهم كثيراً من الشك، فهؤلاء تنقصهم المعرفة والخبرة لأن علومهم نظرية، فالخبرة والمعرفة تؤخذ من خلال العراك مع الحياة، وعندما لا صديق ولا قريب يمد يد العون يشعر بخذلان الحياة له، وإن أمله ومسعاه باءا بالفشل، وقد يصاب باليأس وهذا مرض خطير يؤثر سلباً على سلوك المرء فيصبح غير متزن في تصرفاته، ويُثار لأبسط الأمور ويتميز بالعصبية والغضب وهذان يذهبان بالأخلاق.
قد يتساءل ما الحل وكيف الخلاص فالأمور تزداد سوءاً؟
وتولد لديه قناعة إن لا بد من التروي والاعتماد على الذات وأن يقتلع أشواكه بيديه، فالأيام كفيلة بإيجاد الحلول، وإن تفكيره شل أو مصاب بالعقم.
وما هذا إلا لأنه تجاهل أهل الخبرة الذين صقلتهم الحياة وتزودوا بالمعرفة من تجاربها، فهم من جيل وزمن غير زمانه ويعتبرهم من الماضي وآرائهم لا تناسب حاضره.
فهو نسي أو تناسى أن الدروس العملية تعطي خبرة ومعرفة أكثر من الدروس النظرية، فهذه على الورق وتلك على بيادر الحياة، فالأجيال التي سبقت كان زمانهم يتصف بالصدق والمحبة والوفاء، وكانت تغمرهم السعادة إذا قدموا بنصيحة أو عون، أما زماننا هذا يوصف بالضياع والنفاق، هناك مثل للعامة يقول (أعمر منك بيوم أعرف منك بسنة).
نديم طالب ديب