علاقة اللوحة الفنية بالمتلقي… من منظور التشكيليين

العدد: 9510

الاحد:19-1-2020

 

الفن رسالة إنسانية لذلك لابد من إقامة جسر التواصل بين اللوحة الفنية والمتلقي وبقدر ما يكون هذا الجسر قوياً، ينجح الفنان في إيصال ما يريد قوله للمتلقي عبر نصه التشكيلي، هذا المتلقي الذي يقف طويلاً متأملاً اللوحة الفنية محاولاً فك ألغازها إن كانت غير واضحة، وإن لم يستطع حلها أو يشعر تجاهها بأي شعور تكون اللوحة حينها صوتاً تائهاً وصدى منسياً في واد أخرس، والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا: هل العلاقة بين اللوحة الفنية والمتلقي خاضعة لثقافة المشاهد من الناحية الفنية، وعلاقته بمدارس الفن وأساليبه؟ أم لشغفه للفن وفطرته؟ حول هذه العلاقة التي تمثل الفعل وانعكاسه ما بين الفنان التشكيلي والمشاهد العادي كان الاستطلاع الآتي، والبداية مع…

الفنان التشكيلي : سموقان (ناقد فني):
العمل الفني يأخذ قيمته من الفنان المنفذ للعمل الفني ومن المشاهد الناقد، وهناك سويات مختلفة للمشاهد، هذا المشاهد يمكن أن يكون عادياً ليس عنده أية دراية بالفن، ويمكن أن يكون أدبياً أو موسيقياً أو فناناً أو ناقداً، والمشاهد يبني العمل بطريقة أو بأخرى . أي بمعنى آخر: المشاهد يشارك بإعطاء القيمة للعمل الفني، وهناك علاقة بين المشاهد والفنان هو طرف يمكن أن يدل على نقاط إضاءة معينة في العمل، أو يشير إلى رموز تشكيلية عامة أو خاصة يمكن أن تكون خط سير يوجه المشاهد، وهناك أيضاً: علاقة بين الفنان والناقد من جهة، ثم الناقد والعمل الفني. إذاً: الفنان هو سباق للجميع يأتي فينفذ العمل الفني، ثم تأتي بقية الأدوار حيث أن مشاهدة العمل تعطيه القيمة، والكتابة عن العمل تعطيه القيمة العليا. إن تنفيذ أو إنجاز شيء مطابق لشكل معين هو شيء ضروري لكنه غير كاف للعمل الفني. فالتنفيذ هو حالة تدريبية على الفنان أن يمتلكها من رسم للأشكال الواقعية التي يراها أمام بصره إذ يتعرف على جميع الأشكال من خلال معايشته لها، وعليه أن يمتلك المهارة الكافية لتكون وسائل تعبير. أما الإبداع فهو شيء آخر يمكن أن تدخل فيه حالات أخرى لا شعورية تأتي من الشيء المخفي عند الفنان، وهو يفوق كل الخطط والبرمجيات التنفيذية أو المهنية. أخيراً اللوحة هي نص بصري وحروفها هي الأشكال المستخدمة من قبل الفنان ذاته مع الأخذ بعين الاعتبار الابتعاد عن النقل والتقليد.

الفنان التشكيلي: محمد خليل/ طرطوس/:
أشبه اللوحة الفنية بالبحر والمتلقي بذاك الإنسان على الشاطئ . فحسب إمكانياته يتعامل معه إما رؤية عابرة أو سباحة أو غوص. يأخذ منه ما يريد أو مغامرة إذا ما أراد النقد. فالبحر لا يريد من الآخرين شيئاً، لكن لمن أراد أن ينشئ معه الحب والعلاقة فإن البحر سيعلمه الكثير.
إن اللوحة الفنية ليست مسؤولة بالضرورة عن عزوف المتلقي عن البحث عن الأعمال الفنية أو المعارض أو ما شابه . هناك تغيرات طرأت وعلى فلسفة المجتمع أيضاً مما أثر سلباً، وظهر وكأن الفنون التشكيلية اختصاص، وأن الفن للفن. أما فيما يتعلق بالتواصل بين اللوحة والمتلقي فقطعاً أن الفنون الراقية بما فيها الفنون الجميلة تزدهر في مجتمعات متحضرة ذات إمكانيات مادية جيدة. ربما إذا أخذت الثقافة دوراً استثمارياً كما هي التربية في خلق مجتمع متكامل ناضج تربوياً وثقافياً وجمالياً ومادياً من خلال تعاون شرائح المجتمع وديمقراطية الطرح.
الفنانة التشكيلية : ليلى طه:
يرسم الفنان من أجل الفن، ويقدم نفسه وذاته للآخرين دون أن يكون في حساباته بيع العمل الفني في المرحلة الأولى إلا إذا كانت الجهة المقتنية هي جهة عامة، وهذا يحتاج إلى متاحف تشجع على الاقتناء من قبل الفنانين. اللوحة الفنية كائن بصري والفنان يعيش الهاجس لتحقيق المعادل النفسي بين الداخل والخارج، وغاية الفنان أن يلامس عمله الفني مشاعر المتلقي، ويحرك أفكاره وهواجسه . الرسم علمني أن أعطي لنفسي وللآخرين، والفنان يرسم ويلون ذاته في لوحات تحمل تفاصيل الهوية، وخصوصية ذاكرة المكان والانتماء.
الفنان التشكيلي: حسين صقور:
اللوحة بالنسبة لي هي الملاذ أو السلوى، أعيش معها لحظات من المتعة، أحتمل فيها رحلة الحياة العبور القصيرة ذلك الهدف الأسمى من اللوحة، وتختلف قراءة العمل الفني في أعمالي باختلاف المتلقي والطريقة التي يرى بها . فيما يتعلق بمسألة البيع والشهرة والاقتناء كلها أشياء جميلة ولكنها ليست الهدف أو الغاية . هي نتيجة، وإن كانت محصلة لعدة أمور خارجة عن إرادة الفنان. أنا أحترم آراء الناس وأفكارهم، وأعتقد أن الفنان أمامه مهمة شاقة هي الارتقاء بالذوق العام، ولا يتم ذلك إلا عن طريق الندوات والحوارات المتتابعة. فلا يمكن أن يكون الفن موجهاً إلى النخبة، ولا يمكن النزول عند رغبة البعض، وإلا قتل الفنان روح الإبداع والخصوصية. أعتقد أن حل المشكلة يحتاج إلى وقت وتربية فنية مع الطفولة، تدريب العين على رؤية الجمال، وفهم العلاقات الجمالية، إضافة إلى الفقرات الطويلة التي حققها الفن والفنان خلال زمن قياس، وهو المطلوب حتى نواكب الحضارة ونرفدها بالجديد والحديث المستمد من روح الأصالة وقد يكون في بعض الأحيان السبب في عزل الفنان عن المجتمع المحيط حوله.
الفنان التشكيلي : رامي صابور
يقضي الفنان معظم أوقاته في البحث والقراءة لتطوير لوحته، والوصول إلى لوحة حداثوية تحمل رؤية جديدة لواقع جديد ويجب على المتلقي أن يكون على درجة لابأس بها من الثقافة الفنية والوعي الفني ليصل باللوحة إلى قراءة فنية يقبلها، لكي لا تكون اللوحة بالنسبة له لغزاً محيراً.
الفنان التشكيلي: مصطفى عبد الهادي:
أرى الاهتمام والثقافة الفنية والبصرية من المتلقي والحوار الدائم مع الفنان ضمن موضوع اللوحة والتعرف عليها حتى أحياناً يتم الاقتناء، وهذا ما يشجعني على الاستمرار في مسيرتي الفنية، وإقامة المزيد من المعارض الفنية . أتمنى أن يكون للفنان معرض دائم في مرسمه ليحقق التفرغ التام للوحة، والالتقاء مع الجمهور والمتلقين بشكل دائم. فالمعارض تكون مقتصرة أحياناً على نسبة من الحضور، بينما في المرسم يكون عدد المتلقين أكثر بكثير، وبشكل متواصل.
فغاية الفنان الأسمى أن تصل لوحته الفنية إلى المتلقين، وتحقق رسالته ومبتغاه.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار