دراســــــــة في ترجـــــــــمة « رباعيـــات الخــــيام» وأهميتهـــــــا في الـــــــتراث الأدبي الإنســــــاني

العدد: 9504

 الخميس: 9-1-2020

 

في دراسة قدمها الشاعر والمترجم جهاد الأحمدية في مجلة الآداب العالمية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في سورية عن أنواع الترجمات المختلفة لواحدة من أهم الروائع الأدبية وأكثرها انتشاراً في العالم (رباعيات الخيام)، أكد في مضمونها على أهمية هذه الرباعيات في التراث الأدبي والإنساني منوهاً إلى تعدد الأشكال وتنوع القوالب التي لجأت إليها الكتابات في التحدث عنها مشيراً في دراسته تلك إلى أربع ترجمات للغة العربية موضحاً في البداية ماهية هذه الرباعيات وسيرة مؤلفها عمر الخيام فهو غياث الدين أبو الفتح عمر إبراهيم الخيام المعروف باسم (عمر الخيام) عالم وشاعر إيراني ولد حوالي (1040م).

وقال عنه الشهرزوري في كتابه: نزهة الأرواح بأنه كان عالماً في الفقه واللغة والتاريخ، كان يميل إلى التصنيف والتعليم، وله مختصر في الطبيعيات ورسالة في الوجود ورسالة في الكون والتكليف، أما الرباعية فهي كما يقول د: حسين جمعة في تعريفها بأنها مقطوعة شعرية منظومة بالفارسية على شكل (الدوبيت) والمكونة من أربعة أشطر تنتهي بقافية واحدة وعلى وزن واحد وهي أيضاً كما يقول د. خليل الموسى: مقطوعة شعرية من أربعة أشطر تدور حول موضوع معين وتكوّن فكرة تامة وفيها إما أن تتفق قافية البيتين الأول والثاني مع الرابع أو تتفق جميع الأشطر الأربعة في القافية، هذا وقد ذكر الباحث الأحمدية بأن أول الترجمات للرباعيات كانت إلى اللغات الغربية من سراوسلي إلى توماس هيدوفون همر إلى فيتزجيرالد الذي نظم رباعياته في رباعيات انكليزية خلدت اسمه في تاريخ الآداب الغربية.. أما الرباعيات في اللغة العربية فقد بيّن الأحمدية أنه على الرغم من أن الترجمات العربية للرباعيات جميعها حاولت المحافظة على روح النص الأساسي والتزام الدقة والأمانة في نقل الأفكار إلا أنها أخفقت في كثير من الأحيان، فجاءت الترجمات أقرب إلى شخصية المترجم وخصوصيته، خاصة وأن معظمها منقول عن لغة وسيطة هي الانكليزية على الأغلب وهذا ما جعلنا نطّلع على رباعيات متعددة تحت عنوان واحد هو رباعيات الخيام.. وتابع الشاعر الأحمدية حديثه عن هذا الموضوع قائلاً:
أما الترجمات إلى العربية فقد تعددت وتنوعت على أيدي العديد من الأدباء والكتاب العرب ومن مختلف الأقطار العربية واللافت للنظر أن كلاً منهم قام بترجمتها بأسلوبه الخاص الذي اختلف عن غيره من الأساليب المتبعة في الترجمات الأخرى وقد تجاوز عدد الترجمات الخمسين نقلاً عن الفارسية كلغة أم أو عن لغة وسيطة كالانكليزية والفرنسية وقد توزعت هذه الترجمات بين الشعر والنثر واللهجة العامية وقام بترجمتها نثراً كل من جميل صدقي الزهاوي، ومصطفى وصفي التل وأحمد حافظ عوض ومحمد المنجوري وترجمها شعراً وديع البستاني وأحمد الصافي النجفي وأحمد رامي وإبراهيم العريض واسكندر معلوف وعبد الرحمن شكري وعبد اللطيف النشاز ومحمد السباعي وعبد الحق فاضل وهناك ترجمات أخرى قام بها شعراء عرب ولكنها لم تأخذ نصيبها من الشهرة هذا وقد نوّه الشاعر والباحث الأحمدية في دراسته المذكورة أن الرباعيات قد تعرضت إلى عددٍ من المؤثرات التي غيّرت شيئاً من ملامحها مورداً ما ذكره د. خليل الموسى في هذا المجال: إن يد الفساد والنحل قد لحقت بالرباعيات التي تناقلتها الأيام والسنون فأصابها الحذف والتبديل والتحوير والزيادة، وأن بعضها اختلط ببعض، وأصبح من المتعذّر التمييز بين الأصيل والدخيل، كما أنها لم تكن مرتبة لكنها رُتبت فيما بعد حسب القافية فضاع تسلسل أفكار الخيام، ولم تقدم صورة عن تطور فكره وآرائه زمنياً، فاختلط المتفائل منها بالمتشائم والقدريُّ بالمتصوف، والتقي بالمستهتر، وهي بكاملها تشير إلى نفس قلقة حائرة تبحث عن الهدوء والحقيقة في هذا الوجود، فبرزت نزعة التشاؤم وكثرت فيها التساؤلات حول مصير الإنسان والشكوى والدعوة إلى اللامبالاة، واقتناص الفرص للعيش والنهل من لذائذ الحياة، والعيش في أحضان الطبيعة وإرضاء النفس قبل إرضاء الناس وفيها تأثر واضح بلزوميات أبي العلاء المعري وأفكاره ولا سيما أن الخيام كان يتقن اللغة العربية وأنه ولد في أيام شيخوخة المعري وإبان شهرته.. وقد نوّه «الأحمدية” أنه قد اختار أربعاً من الترجمات الشعرية للرباعيات لدراستها وذلك من خلال المقدمات التي تصدرت طبعاتها ونحن – بدورنا- سنأتي على ذكر هذه الترجمات العديدة التي ساهمت في شهرة (رباعيات الخيام) وانتشارها في جميع أصقاع العالم.

ندى كمال سلوم

 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار