الــتراث .. هويـــــة ومصـــدر عيــــــش

العدد: 9502

الثلاثاء: 7-1-2020

 

التراث المادي واللامادي شكل من أشكال الحضارات الإنسانية على مر العصور ومن مكونات تاريخ وعراقة الأمم وجزء من ذاكرة الشعوب والأمم التي تعاقبت على هذه الأرض. 

التراث العربي جزء من التراث الإنساني العالمي وهو الهوية التي تركها لنا الأسلاف ويتضمن جميع الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية متوارثة من جيل إلى جيل, والوطن العربي غني بالحضارات التي تعاقبت على بلدانه من محيطه إلى خليجه ومن شماله إلى جنوبه كالحضارة الفرعونية في مصر والبابلية في بلاد الرافدين والحضارات التي تعاقبت على بلاد الشام وغيرها.
التراث مصدر عيش للكثيرين ومركزاً لتنشيط السياحة والتبادل الثقافي ورفد الاقتصاد الوطني ومصدر دخل لمن يعمل به, وكانت بلاد الشام دوماً موطن الكثير من الصناعات اليدوية الممتدة في عمق التاريخ وتميز أصحابها بالمهنية والحرفية والتفنن في رسم وتصنيع الأشكال والهياكل وإنتاج مستلزمات بيوتهم من أدوات منزلية وكؤوس وأطباق وكراس وصوان وهدايا وتحف وصلت إلى مختلف بقاع العالم.
التراث حاجة وضرورة والأمم الحية هي التي تعتز بتراثها وتلهث للحفاظ عليه كونه يمثل أصالتها وانتمائها.. علينا تعزيز أهمية التراث الشعبي في حياتنا والاهتمام بالتراث المحلي لكل منطقة والعمل على الحفاظ على الموروث الثقافي وإحيائه وإبراز خصوصيته في حياتنا, وإطلاع شتى أصقاع العالم على الهوية التراثية السورية, والمسؤولية تقع على الجميع فهو ذاكرتنا وهويتنا وقيمنا وعلامتنا الفارقة بين شعوب العالم أجمع.
التراث المتنوع المادي واللامادي أحد ميزات ثقافتنا فالإنسان يبتكر ويصنع ويرسم ويلون وينحت للتأقلم مع الظروف وتلبية لحاجات معيشية واقتصادية واجتماعية.. علينا إبراز أهمية التراث السوري وما يزخر به من مهن عريقة تمتد في جذور التاريخ ومازالت حاضرة حتى يومنا هذا وبذل جميع الإمكانات للحفاظ عليه من الاندثار والضياع وضمان استمراره للأجيال القادمة وتوفير المناخ الملائم للابتكار والتطوير فيه للوصول إلى منتجات تراثية أكثر جمالاً وتطوراً واستثمار الموروث الذي تتمتع فيه بلادنا وتشتهر به لإنتاج قطع تراثية من الحقب والحضارات الماضية وتعليم الأجيال ضرورة التشبث بالهوية الوطنية في مواجهة العولمة الجارفة والإرهاب الذي يريد اقتلاعنا من جذورنا الإنسانية والحضارية.
التراث بوابات مجد وفخار تزكي الأمل وتعلي الهمم وتحفظ ذاكرة كادت أن تمحيها الحرب, إرث العادات والتقاليد التي تربى عليها الأجداد ولم تستطع الدهور المتعاقبة سرقته ودفنه, هو جزء من الهوية الوطنية وبزواله تزول الذاكرة والانتماء, وخلال الحرب المجرمة الإرهابية كانت هناك عمليات ممنهجة لسرقة وسلب ونهب وتهريب خيراتنا وكنوزنا والتنقيب غير الشرعي في الكثير من المناطق وعرضها للبيع في مزادات عالمية في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى الكثير من الأضرار التي تعرضت لها الآثار والمتاحف الوطنية على امتداد الخارطة السورية بغرض اجتثاث تاريخنا من جذوره لضرب انتمائنا الوطني والقومي والعروبي.
التراث همزة وصل بين الأجداد والأبناء وأمانة تتناقلها الأجيال, ومن ليس لديه تراث ليس لديه حاضر ولا مستقبل.. علينا التذكير بالماضي المجيد الذي هو امتداد للحاضر ورسالة للمستقبل ونشر وإعادة إحياء التراث لحماية الجيل الشاب وتعريفه بتراثه وحضارته وإحياء المهن التراثية والحرف التقليدية وتوفير المال والأدوات والخبرات الجمالية والمحافظة على ديمومتها واستمرارها لأنها مرآة حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم.

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار