صرخة باردة!

العدد: 9502

الثلاثاء: 7-1-2020

 

دوي قنبلة, ورصاص, وألعاب نارية ملأت الليل شغباً, وضجيجاً, ورعباً، تلك كانت الموسيقى التصويرية لليلة رأس السنة في طرطوس، وأما الرعب فهو رد الفعل الطبيعي..

لم نسمع موسيقى, ولا حتى ضحكة في تلك الليلة، امتلأ الحي بعناصر حفظ النظام من جهة حيث توجب حضورهم, وتوزعت ورشات عمال صيانة الكهرباء يعيدون ما تقطع من أمل في نور, بعد موجة العواصف, والأمطار التي تواصلت لأكثر من أسبوع, وما تزال.
غادرتنا سنة مليئة بالأعذار, والأسباب الموجعة, غادرت بأقدام من طين, وبلل..
من سيول ملأت الشوارع كلها حتى أصبح حلم المواطن الحصول على حذاء متين, ودرجت أمنيته هذه ضمن قائمة الأولويات بعد الخبز والسكر والشاي…
الحاجة لحذاء قوي مشروع هام قد يحتاج لجمعية اخترعتها النساء أولاً, وصارت موضة لكل الموظفين، حذاء يخترق السيل ولا تخترقه المياه، فلا يمكن لإنسان أن يشتري هذا النوع الفاخر من راتبه فسعره بحجم الراتب, ولا يمكنه أن يجلس في بيته بانتظار انتهاء المطر, وسيوله, وبركه في الشوارع، أما الجمعية فقرض دون فوائد، رأسماله بضع أصدقاء, أو موظفين تجمعهم الحاجة, والحيلة للقضاء عليها.
إذا أغدقت السماء جاع الفقير وإذا بخلت جاع! سنة تبشر المزارعين بالخير الوفير لكن هلع أصحاب البيوت البلاستيكية خرّب الفرحة، فكيف بالمواطن السوري المحاصر بلقمة عيشه أمام أنظار العالم كلهذ..
لم تستطع يد أمريكا الطويلة قطع رزق السماء، المطر خير قادم، لكن المؤلم في قانون الغاب حيث بتنا فرجة لمن يتفرج، فلا قانون دولي, ولا منظمات إنسانية تعمل عملها وتأخذ دورها، هي مجرد كلمات, وخطابات, واجتماعات مأجورة طبعاً.
تبدأ السنة الجديدة مع مطر الخير، رغم مآسي الحرب التي شملت المنطقة كلها, والسبب هو الخير أيضاً..
آبار النفط السورية طمع أمريكا تسرقه أمام كل العالم، ولا من معين, أو حتى معترض إلا من يعانون مثلنا ولا حيلة لهم إلا المحاولة, والدفاع عن الكرامة وخير البلاد..
لذلك، علينا أن نحتفظ بما نملك من ذخيرة قد تدفع عنا البلاء، كما تدفع عن جنودنا المستنفرين على الحدود, تحت المطر, وفي البرد, والصقيع حماية لأرض, ومال, ورزق هو لنا أصلاً.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار