إلى روح شهيد الوطن

العدد: 9496

الثلاثاء: 24-12-2019

 

سلام عليك يا روح شهيد الوطن يوم ولدت ويوم توفيت ويوم تبعثين حية، المسافرة والصاعدة إلى فردوس السماء على جنح سحابة بيضاء، والراقدة مع الملائكة والرسل والأنبياء بعد تعميدك بالماء المقدس، وطهروك من دنس الذنوب والخطايا، حدثينا عن مباهج حياتك في الملكوت وعن حنانك واشتياقك لرؤيتنا وتمنياتك لنا لنحظى بهذا المقام المنير بنور وجه الله يوم القيامة كما نحن نعيش اللوعة والاشتياق الذي لا يعادله اشتياق في هذه الدنيا.

خطفتك يد المنون بعجل كلمح البصر وأنت في ريعان الشباب وجوادك بسرعته فاز بالسباق حتى لفك علم الوطن.
ونحن باقون على ذكراك نسهر، ونتذكر أيامنا الحلوة التي عشناها معاً في محبة ووئام وكيف كنت بالأمس بيننا حية ترزق وتقاتل ببسالة وشجاعة نادرة في جبهة القتال واليوم ودفنوا جسدك في مقبرة الشهداء.
في رحيلك رحلت الأيام الجميلة وليالي السهر والحياة ارتدت ثوب الحداد والنهار غلفه الضباب وأنت لم تزالي نبضة القلب في الجسد، غادرتينا بدون وداع ومعزي القلوب عزانا وأعطانا بلسم الصبر والسلوان، وعلمنا كيف بالشهادة تولد الحياة، ونجد لأقدامك وشماً فوق جبين القدر ودلالة لبصماتك عن صدق الفداء، ودنيا جميلة مزهرة بربيع العطاء.
بعد غياب صورتك عن عيوننا غاب القمر وحل طيفك الوسيم مرآة صافية للنظر نرى من خلالها لحظات اللقاء في جلسات السمر والأنيس لوحدتنا عندما يحل اليأس والضجر وتشتعل في صدورنا نار الحنين والاشتياق.
كل شيء في حياتنا يلم بذكراك لهفة الدار الحزين والسرير اليتيم وقريتك الصغيرة بغرفها القديمة وحواريها الضيقة والأهل والخلان لطلتك البهية ورنة ضحكتك البريئة وهمسة روحك الحنونة ومسقط رأسك يطيب ثراك ووطنك الذي لا ينساك والذي من أجله كنت كبش الفداء وبالدمعة الحزينة يخاطبك وبكلمة الحب الأبوي يشكرك ويدعو لك بالرحمة وحسن الختام.
وبراعم أزهار حدائقك تنتظر غيث محبتك لتتفتح وتنشر عطرها الفواح وأشجار التين والزيتون تنتظر أناملك لقطفها وسنابل القمح تنتظر منجلك لحصادها، والأرض التي تصحرت بعد غياب خدماتك لها بحاجة لكرم زنود أبنائك ليطول عمرها وحياتنا الحزينة تبكي لفراقك الطويل عنها ولكن نعاهدك بأننا سنبقى أوفياء للعهد والقسم والدفاع بشرف وإخلاص حتى الشهادة أو الانتصار، مهما كلف الثمن.
نبكيكِ يا شهيدة الوطن والعروبة والنفوس البريئة المظلومة، ونبكي فيكِ الوفاء والإخلاص وسمو الأخلاق، وشجاعة الرجال العظماء، والفراغ الذي حل في غيابك، وغروب شمس الحياة والوحدة القاتلة والعزلة التي أصبحت قدرنا في الحياة، فنقف بخشوعٍ وإجلال أمام هيكل قدس الأقداس، ونحني لك الهامات احتراماً لمسيرة نضالك الطويل المثمر يا قارعة أجراس المحبة في قلوب الناس والأفراح في الأعياد وفي عرس الانتصار، يا أيقونة فجر الصباح يا مدرسة الأجيال لن ننساك حتى نلتقي في فردوس السماء فهنيئاً لك بهذا المقام السرمدي المضاء بنور وجه الله إلى أبد الأبد.

عيسى موسى موسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار