الخميس 19 كانون الأول 2019
العـــــدد 9493
شهد الأسبوع الماضي موجة جنونية غير مسبوقة بعواصف هائجة أصابت سعر صرف الدولار وأسعار المواد جعلت ناقوس الخطر يدق معلناً ضرورة التصدي لأقسى أدوات الحرب الاقتصادية التي مورست ضد سورية لتحاول النيل بما عجزت عنه كافة أنواع الإرهاب العسكري والسياسي والحصار والعقوبات وليعملوا بالحرب النفسية إلى أقصى حدودها عبر شارة البدء من خارج الحدود متزامنة مع فهم (دواعش) الداخل أن لحظة الصفر لتدمير العزيمة والصبر السوري قد بدأت.
إن المتابع لدقائق الأمور يلاحظ تزامن زيادة الرواتب مفاجأة التوقيت والتي فرضت باللحظة المناسبة والتي تزامنت بموجة تقويض إعلامية وضريبية مع زيادة تلقائية للأسعار مما جعل المواطن يتمنى عدم زيادتها.
ولنعود لسعر الصرف من المؤكد أن أحداث لبنان وصعوبة سحب الدولار من بنوكها وصعوبة التعامل لفتح الاعتمادات بخصوص الاستيراد جعلت الحاجة للدولار كبيرة وجعلت المضاربة بالليرة السورية المتوفر مبالغ كبيرة منها ثنائية الغرض، منها لعدم المضاربة بالليرة اللبنانية من أجل عدم الوصول لتضخم صعب الضبط ومنه استمرارية اللعب بالليرة للمضاربة على الدولار لفرض مواقف وإجراءات لم ترض القيادة السورية السير بها وحاولت القوى الداعمة لهذه الإجراءات حتى المضاربة داخل سورية لتجفيف الدولار ولبث مخاوف تضخمية توحى بضعف الدولة وتوهن نفسية المواطنين والذين صبروا وساندوا المؤسسة العسكرية لمواجهة الإرهاب المسلح.
ولكن السؤال الملح طالما كنا نتوقع تقوية عيار الحرب الاقتصادية ماذا جهزنا من أدوات لمواجهة هذا الإرهاب وماهي خياراتنا وما هو توقعنا لكيفية محاولة فرض انعكاسات للأحداث المحيطة على بلدنا؟
من أول فجر الإحاطة للأزمة كنا ننادي أن تكون الإدارة للحياة الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات الحكومية بالتعاون مع كافة أفراد المجتمع ومنها القطاع الخاص للوصول لبرنامج وطني محيط بالتداعيات وباعث للانطلاقة الاقتصادية ومحيط بالفساد كفيل بمواجهة كافة الضغوطات ولا يمكن السير به ضمن مقولة دعه يمر، دعه يعمل، لأنه في ظل الأزمات هناك مؤثرات ومتغيرات كثيرة تنعكس على العرض والطلب وكذلك هناك فئات همها الربح بأي كان ولو على حساب الوطن والمفاجئ أن تصريحات وزارة حماية المستهلك والتي أنشأت لهذه الغاية وأغلب سلوكها كانت تشجع حرية السوق وضد ضبط الأسعار وحتى جمعيات حماية المستهلك قوضت ووضعت تحت إدارة هذه الوزارة والتي أثبتت فشلها وحتى عندما تضغط تقوم بإجراءات ضد صغار الباعة وتقوم بسياسات مخروقة غير قادرة على ضبط الأسعار وحماية المستهلك وتقوي دور المحتكرين ودوماً تبعد عن الاستيراد المباشر أو عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية ولتكون الأسعار هي المنعكس دائم الارتفاع لتغير سعر الصرف بارتفاع دائم و من دون هبوط عند هبوط سعر الصرف ولتكون محاولاتها آنية لتسكيت الأصوات ولتعود لنفس السياسات وللعقوبات الانتقائية وبذلك يساهم التضخم وارتفاع الأسعار بالإضافة للضغط النفسي على معيشة وصبر المواطن بضغط متبادل على سعر الصرف وهكذا فأثر الأسعار جعل تأثير المضاربات ينتقل لنا ولو أن المصرف المركزي لم يغير سعره، وكذلك التغاضي عن بعض المهربات والتي تسعر بالدولار وهي غير ضرورية كالدخان والبضائع المواجد بدائل محلية جعلت أثر الدولار المضارب به ينتقل لنا، وكل هذا يترافق بتضليل إعلامي عبر بضع صفيحات من الخارج ومن (دواعش) الداخل وسط تفرج السلطة النقدية والمالية، من المؤكد قبل هذه العاصفة الكبيرة كان تأثير المركزي وأدواته قليلة ولكن ضمن المعممة كان لابد من التدخل عبر التحكم بالعرض من الليرة وقدرة السحب وعبر تشجيع وضع الدولار في البنوك لآجال متعددة وفوائد مقبولة، وعبر التعاون مع خلية أزمة اقتصادية لتحديد الضروريات الآنية لتمويلها وتأجيل متوسط لما هو غير مستعجل إن كان هناك قصور بحجم الدولار والتي لم تمض فترة طويلة لتصريحات رئيس الحكومة بأننا لم نستعمل أي دولار من الاحتياطي منذ عام2017 وتسريب وثيقة مزورة بتوقيع حاكم مصرف سورية المركزي بعدم قدرة المصرف على دفع أي دولار كانت دليل على حجم المؤامرة التي يعمل عليها (دواعش) الداخل ومعلميهم من الخارج.
المهم الدولار كسلعة إن لم نحتاجه فلا سعر له وبالمدى المنظور لا يوجد الحاجة الملحة وإن وجدت فالتمويل جاهز وكذلك ماهي الحاجة الحالية للمواطنين إلا استجابة خوف لوهن مفتعل لإضعاف نفسية الوطن والمواطن.
بالمحصلة الوطن للجميع وليس لغالبية بذلت الدم وصبرت وقاومت مقابل من همه الربح وتكديس الأموال على حساب الوطن والدم، ومن يريد نيل مكاسب لدول أخرى على حساب الوطن واستقراره خائن ومن يريد لوي ذراع الحكومة أخون ممن يلعب على إضعاف الليرة خائن ومشارك مكشوف بالمؤامرة على الوطن وسفك الدماء.. من فترة ضغط لجعل الحوالات بسعر سوق افتراضي لا نعترف به وسؤالنا هل نحن بحاجة ملحة للدولار وهل سبب عدم التحويل السعر أم أسباب سياسية لمحاربة الدولة.
حل تغيير العملة أو إنقاص صفر قد يعطي نتيجة ولكنه بحاجة لوقت وتجاوز العاصفة بحاجة لإجراءات آنية و المستقبل القريب بعد تجاوز العاصفة المؤشرات الاقتصادية إيجابية بشكل مؤكد دولة المؤسسات هي الحامية وهي القادرة على الوصول للمواطن وللعدل، تعقد المؤثرات يجعل الحل مركباً، والمهم مواجهة الارهابيين الاقتصاديين ومنع تهريب العملة بين الحدود وتوقيت زمني للحاجة الضرورية و للأدوات اللازمة، السعر الوطني العادل للمواطن وللتاجر وللدولة مطلب تضعه مؤسسات الدولة.. من يحتكر ويضارب ويلعب بالأسعار خائن، هذا على المدى الحالي، بالمدى المتوسط فإننا أمام انتعاش عبر مخرجات التعافي وعودة الأمان والثقة، الليرة ستعود بفضل الشرفاء ولن يستطع (دواعش) الداخل تدمير سلطة المؤسسات، ولننطلق بالتقييم من عبارتين، الحرة لا تأكل من ثدييها.. والوطن لا ينتعش إلا من خلال شرفائه.
سنان علي ديب