الخميس 19 كانون الأول 2019
العـــــدد 9493
تزدحم جدران صالات العرض وتمتلئ باللوحات التي يحرص أصحابها الفنانون التشكيليون على عرضها وتقديمها للجمهور، بعد الاعتناء الكبير الذي يولونه لها، لتبدو قطعة فنية ثمينة، يحرصون من خلالها على تقديم أنفسهم للجمهور صاحب الحكم الأول والأخير، ويضعون جلّ خبراتهم وتجاربهم الفنية بين أيدينا، كما لو أنها فلذة كبدهم، كبرت وترعرعت أمام أعينهم ونالت قسطاً وافراً من الاهتمام والرعاية والتركيز على أدق تفاصيلها.ولكن ثمّة سؤالٌ يطرح نفسه: ما مصير هذه اللوحات بعد العرض؟ وهل تعود أدراجها إلى أصحابها؟ أم تلقى حتفها؟ أم هناك من يحرص على اقتنائها والظفر بها؟
أسئلةٌ عدة توجّهنا بها إلى أصحاب الاختصاص من كبار الفنانين التشكيليين ورواده في اللاذقية، وأجرينا الاستطلاع الآتي:
التشكيلي سموقان: عدّ اللوحة كما الأغنية تغنى أكثر من مرة، فهي لا تعرض مرة واحدة وينتهي أمرها إنما يمكن عرضها أكثر من مرة، واللوحة يجب أن تكون خالدة فلا ترسم ليوم أو لشهر، خالدة بديمومة الزمن، لذلك فإن أي مقتنٍ يعاين اللوحة وتفاصيلها وعلى ماذا رسمت؟ وما الألوان المستخدمة فيها؟.
وبالتأكيد كل فنان يرغب باقتناء عمله، رغم الحزن الذي يشعر به بعد اقتنائها إذ يشعر وكأنه خسر شيئاً غالياً عليه ولا يمكن تعويضه، لا سيما وأن معظم الفنانين يبتعدون عن المتاجرة في أعمالهم، لذا فاللوحة للعرض الدائم.
التشكيلي اسماعيل توتنجي: اقتناء اللوحة عمل تشجيعي، ومعظم المعارض التي تقام لا تلقَ لوحاتها الاقتناء، بحكم الظروف المعيشية التي تحكم الناس، وانشغالهم بأعمالهم الخاصة وتأمين لقمة عيشهم، وبالنسبة لي كفنان أحرص على أن أبقى معطاءً وأزوّد الحركة التشكيلية بكل جديد ومميز، بغضّ النظر عما إذا لاقت لوحاتي الاقتناء أم لا.
التشكيلي ماريو يوسف: تشكل المعارض فرصةً للقاء الفنانين التشكيليين وتبادل خبراتهم وتجاربهم الفنية والتأكيد على سلامة الحالة البصرية، وتفعيل التشاركية العملية بين الفنانين، أما مصير اللوحة فهو العودة إلى المكان الذي خرجت منه، فثقافة الترويج لاقتناء العمل الفني غائبة، وهي مسؤولية تقع على عاتق المؤسسات أكثر من الأفراد، ففي أي معرض جماعي نتهافت على المشاركة، لكن الاقتناء غائب حتى من الأشخاص أنفسهم وليس من الجهات الرسمية فقط، وحتى إن تم الاقتناء فإنه غير متكافئ مع العدد والكم الهائل من اللوحات المعروضة، كما أن التشجيع غائب، ولابد من نشر ثقافة اقتناء العمل الفني الحقيقي ليكون على الجدار وليس صوراً لفنانين عالميين بل صوراً لفنانين محليين، ثقافة الاقتناء بحاجة إلى الإنعاش والإحياء.
التشكيلي بسّام ناصر: ثقافة الاقتناء لها خصوصية كبيرة ونحن لم نصل إلى هذه الثقافة بعد، فوجود لوحة تشكيلية مقتناة في أي منزل يعكس مدى ثقافة وتميز هذا البيت وأصحابه، حتى المثقفين ينأون بأنفسهم عن الاقتناء، وتلعب الحالة المادية دوراً في ذلك، ونلحظ بعض الأثرياء تنقصهم الثقافة رغم وجود المال.
التشكيلي فريد رسلان: أغلب اللوحات تعود أدراجها إلى أصحابها للأسف، وهذا عامل مثبّط للفنان ولا يشجعه على المزيد من العطاء، فاستمرارية الفنان بالإبداع دليل أنه يفجر كل مكنوناته وأحاسيسه وتعابيره الداخلية، ونأمل أن تلقى أعمالهم الترويج والتبنّي اللازمين لتساعد الفنان في تلبية أبسط متطلباته ومستلزماته الفنية وهذا ما نفتقده ونأمل تداركه في المستقبل.
التشكيلية ازدهار ناصر: عادةً كان هناك من يقتني اللوحات وخاصة التاريخية منها وتلك التي تلقى الترويج اللازم، سواء من قبل الجهات الرسمية، أو بعض الأشخاص الميسورين، لكن الوضع الآن تغير في ظل الأوضاع الراهنة، وابتعد الجميع عن الاقتناء.
ريم جبيلي