الخميس 12-12-2019
العدد: 9488
بحضور باقة من الأدباء والمثقفين والموجهين الاختصاصيين تم حفل توقيع ديوان (أراجيح الحياة) للشاعر نورز أمين علي في دار الأسد للثقافة باللاذقية.
حضر الحفل السيد عماد مهنا مدير مكتب التربية الفرعي، رئيس مكتب التربية والطلائع والتعليم العالي، تخللت الحفل قراءات نقدية لكل من الدكتور عدنان الأحمد رئيس قسم اللغة العربية في جامعة تشرين واسكندر ميا مدير الثقافة السابق باللاذقية والدكتور طلال ديوب الموجه الاختصاصي.
وقدم المداخلة الدكتور علي عبد الله و أحمد منصور بجو من الألفة والمحبة والإصغاء الراقي من الحضور الكريم وتوج الحفل بقراءة مقتطفات شعرية من الديوان وقدم الدكتور طلال ديوب دراسة نقدية للكتاب استهل فيها تقديم التهنئة للشاعر نورز علي بصدور ديوانه متمنياً له دوام التقدم والنجاح واستمرار إبداع اليراع لديه بإنجازات ودواوين شعرية سترى النور قريباً.
وقال أضيء على بعض النقاط من خلال قراءتي المتواضعة للديوان فالعنوان ذكر فيه أن الأراجيح أداة لهو ولعب يتمتع بركوبها الصبية، حيث جاءت بصيغة الجمع، فأثرها جمعي وليس فردياً وإذا ما أضفيت إلى الحياة فالدلالات عندها مفتوحة والإيحاءات متنوعة نتساءل هنا هل هي مصدر بهجة وفرح كما هو معلوم في الذاكرة الجمعية، أو هي استحضار لماضٍ فقدناه دفعنا لركوبها للاستمتاع بواقع مرٍ أليم نعيشه الآن وما زلنا، ولماذا أضيفت إلى مفردة الحياة أن الحياة متقلبة بالإنسان، ولا تسير به على وتيرة واحدة فدوائرها كثيرة ونحن ندور في فلكها قد نعلو بدائرة منها ثم ننزل وكذلك نراه صرّح في قصيدته الأولى بقوله:
تدور الفلك والدنيا دوائر ومن يعلو بدائرة سينزل فلا تركب أراجيح الحياة وسراها حصان الريح يصهل، إذن العنوان فيه انفتاح دلالي وإثارة تدفع القارئ للتعرف على مضامين النصوص ومعانيها أما العناوين الفرعية لقصائده فهي غنية ثرية متنوعة بمضامين الموضوعات التي نُظم فيها حيث تلامس الروح والوجدان وتحكي حكايا الحب والأوطان وتبرز مفاسد الحياة، وتحذر من مغبة الاندفاع نحو ملذاتها والانزلاق في مهاوي الجشع والطمع والشهوات، والزينة تقطر ندى وتنبض جوى وتسمو في المجالس بين الأنام، وتثمر مواسم الحب وتحكي حكاية وجد وشوق لولدين هاما في حبهما، فاقتسمه في قلبه شغفاً وعشقاً، عناوين القصائد فيها نداء من أعماق القلب ودعاء مليء بالخشوع والتضرع إلى الله ليبعد عن وطننا الجريح هذه النازلة التي ألمت به، ويعيده نسراً شامخاً قوياً يحلق في قمم الجبال وأعالي السماء.
هكذا جاءت عناوين ديوانه متنوعة اختارها بدقة ألفاظها معبرة موحية بالمضمون دالة عليه.
ديوان الشعر هذا كما قرأناه لوحات جميلة واقعية مزينة بالحكم والمواعظ معاني الحب ومفرداته تعلو وتصدح بقوة في كل موضع فيه ومضات حياة وبريق أمل رغم الهموم والأحزان وحكايات آلام وأوجاع.
كلامٌ شفاف يلامس شغاف القلب، ونسمات حب تداعب الروح في صور تكاد لا تخلو من معجم لفظي هامس رقيق مفعم بمعاني الحب والشوق والحنين، تنوعت الدفقات الشعورية لتتناغم مع المعاني والموسيقا العذبة، نلحظ البحور الشعرية على اختلاف إيقاعاتها وتنوعها حاضرة في قصائده هادئة تارة قوية تارة أخرى تبعاً للغرض والموضوع.
قصائده قناديل مضاءة تسوق القدر بذاتٍ مفعمة بالحب والأمل على الرغم من العوائق التي صنعها البشر الذين يسدلون السواد على نور الحياة ويعكرون صفو عيش الخلق والبرايا.
الحب عنده كتاب حكاية، وحكاية كتاب وشيمةٌ ترفض البعاد وانسجام قلبين في دنيا الصغار وعالم الصدق والوفاء كما يقول في قصيدته التي جاءت بعنوان (حكايا المرايا) قد ألف القلبان في دنيا الصغار لك في الهوى بعضي وبعض صبابتي والبعض مني فيضٌ كلي إن خفى، فما أجملها من صورٍ وما أحلاها من معانٍ!
وإن بحثنا عن جمالية الصور فهي تبدو في مواطن كثيرة من قصائده تحمل في طياتها معاني الغزل والحب وحكايا الحرب، فيها شعر صوفي تماهت خمرة الحب فيه مع الأقداح في حالة النشوة والسكر، وفيها نبرات صوت كبيرة تعلو بنداء الحق وأمثال ثائرة متفرقة وقد أقر الشاعر بحقائق لا يمكن تجاهلها، أو طمس معالمها فزينة الأخلاق هي هدية الأجيال الثمينة أرادها قيماً ومبادئ تسمو بالعقول وتهديها وتنير القلوب، وحكايات الحب والحرب هي قصص وأحلام وآهات ونبض حياة حكايات قاسية، وأعمال وحشية، وسفك دماء بريئة طاهرة نقية، من مجرمي الحرب طغاة عتاة، قساة القلوب، تنُدى بأفعالها جباه البشرية.
وعلى الرغم من ذلك فالنصر للأوطان وحماة الحمى الذين رفعوا شعار إنه لا وجود للخونة والأعوان.
أما الصراع فهو صراع الواقع وواقع الصراع بين العدل الذي أضحى بعيد المنال، مظاهر فساد منتشرة في كل واد، صراع على عرش من الجهل وصلح على ما بيع فينا ويشرى في شعره استشراق لما هو آتٍ من علائم النصر المبين، ورايات سترفعها عالياً جحافل الحق، سواعد رجال الله في الميدان إنها ترانيم وطن، وإيقاعات أمل.
وكما بدأ ديوانه بأراجيح الحياة، وغلّفه بصورةٍ له وهو يرنو مبتسماً يقول:
سكارى من نبيذ الحب نحن
ويبقى العقل سلطاناً مبجل
فلا مالٌ ولاجاه سيبقى
إذا الإنسان لم يحفظ ويعمل
فلا تركب أراجيح الحياة
ومسراها حصان الرّيح يَصْهل
بثينة منى