الاستسلام للحبّ

العدد: 9486

الثلاثاء: 10-12-2019

 

وهل للحبّ معركة حتى يكون الاستسلام هو النّهاية؟ وهل الاستسلام يعني الهزيمة؟
لأنّه الحبّ الذي به نحيا ولأجله نسعى, ولأنّ الحياة لن تكون ولا تستمرّ إلاّ به فإنّه لزامٌ علينا أنْ نؤمنَ بأنَّ الحبَّ ليس جوهر الحياة وحسبْ بل هو درعها الذي يقيها من الموت أو لنسميّه الانهيار الذي يصيب بعض مَن قرّروا أن يموتوا قبل أن يحين أجلهم, وليس في هذا القول ما يتعارض مع مبدأ أن نحيا مع الآخر أينما كان وكيفما كان, لأنّه المعنى الكامل والمختصر للوجود الذي يختصرنا جميعاً, فكلٌّ منّا يحيا ضمن جماعة مغايرة له ومختلفة عنه في كلّها أو بعضها, فيجد نفسه (ليس بمعنى الجبر والفرض) منخرطاً في ذي الجماعة أو تلك انطلاقاً من الهروب في فخّ الوحدة والاغتراب النفسيين .. بالطّبع ليس هذا هو منطق الحياة, فليس من الطبيعي أن يهرب الإنسان من حياته وهو الذي ارتبطت به وارتبط بها.
واستسلام المرء النابع من حبّه لنفسه إنّما هو بصورة أو بأخرى استسلام للحياة التي تأخذنا نحو المعنى الحقيقي لها لا إلى المفهوم السّطحي لكلمة الاستسلام التي اقترنت بالحروب, فكم هو جميل أنْ يستسلم المرء للحياة فتأخذه إلى حيث تكون, ولن تكون إلاّ بالقرب من الأهل والأصحاب والأحبّة والخلاّن, الذين يجعلون كلّ شيءٍ من حولنا جميلاً بديعاً, وكأنّهم ألوان الطّيف الذي يتنقّل المرء بين ألوانه وما يمثّل من حلاوة ومعنى.
ولأنّ الحياة لا تكتمل إلا بنا نحن الذين نسعى أن نوجد أنفسنا بفعل القوة على مسرح الأحداث في فصل من فصولها, لا بدّ أن نعيش الحبّ الذي يُجسّد فكرة قوة الوجود بعلّته, وذا الأمر يكون إيجاداً وإثباتاً لكلّ منّا, فالحبّ لا يعني الهروب من العزلة والوحدة فقط بل هو اقتحام بالقوة للحياة وهو سيلٌ جارف ليس له ما يُعيق مسيره أو يحدّه ويمنعه, إنّه فيضان أو طوفان يخرج من قلبٍ امتلأ به وفاض على المحيط حتى طال الجميع بمختلف الأشكال.
هو الحبّ الذي يجعلك شخصاً آخر, شخصاً مختلفاً عن السّابق, هو الذي يجعلك تحمّل القادم من الأيّام بل اللحظات الآمال والأمنيات والوعود بكل جميلٍ, بكل سعيدٍ, بكل أمرٍ هَنيْ, ومن الحكمة هنا أن نرفع شعار: الاستسلام للحبّ..

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار