العدد: 9483
الخميس:5-12-2019
ولأنّه يعرف تماماً، أن لا مكان للأمنيات المجانيّة، فقد ابتاع ورقة يا (نصيب)، يحلم معها ببيت تعددت غرفه وخدماته، ثم قال: غرفتان لجمع عمري المتناثر تفيان بالمطلوب، بعدها تنازل مكتفياً بغرفة عارية مثل ماء لا يمكن أن تكسوه بشيء، فالأثاث والأدوات الكهربائية إسراف!
قال في سرّه: كم كنت أحلم بالملابس الرسمية وملحقاتها؟! ولكن ذلك أيضاً لا يهم، فمتجر الألبسة المستعملة يفي، وفيه ما يبهر أحياناً!
بقي الطعام ووجباته العصرية المزخرفة التي تشبه الأزياء ودور التصاميم.
لكن عربة جوالة يعرفها جيداً تقدم وجبات شواء، وهي كفيلة بأن يتحدى بها الموائد الدسمة ومناسباتها.
ماذا بقي بعد ذلك من أمنيات؟
الجواب لا شيء.
قبل أن يعيد ورقة (اليانصيب) إلى بائعها، هاجمته موجة سعال كادت أن تنشبه وتفككه قطعة قطعة، فاستجمع قواه متمسكاً بالورقة، ليطلب منها أمنية العافية من مرض مفاجئ؛ لأن الشفاء يتطلب دفع تكاليف أجهزة المتابعة المتطورة، والمكوث في المشافي التي انتزعت من الفنادق الفخمة نجومها!
وهكذا فالاستطباب يحلّق بالغلاء إلى الدرجة التي يمكن القول فيها إن المرض لا يليق إلا بالأثرياء، أما الفقراء فيتمنون كرم الموت وسخاءه.
والسؤال: كيف عاش الناس قبل سنوات طوال على أدوية بسيطة مع استشارات طبيب ينجح مرات ويخطئ مرة و…هكذا؟
البعض منّا مازال يتحدى أمراضه ويعيش بأمنية عفوية تطيل العمر، وتجعله يرى الشمس في مصباح كهربائي، أو عتمة يلوّن سوادها من ذاكرته؟
سمير عوض