الشـــــــاعرة الوجدانية وديعـــــــــة درويـــــش:

العدد: 9483

الخميس:5-12-2019

في بيئة مشبعة بالأصالة والعطاء ولدت، وعلى حكايات تشرين الشموخ وقصص الجدة وقيمها تربت، فمن ألم المعاناة ودموع والدتها المكافحة أبدعت، واستوحت مواضيع شعرها من هموم الناس وأوجاعهم وأفراحهم، إنها الشاعرة وديعة درويش بنت قرية سنجوان..
درست الشاعرة العلوم الطبيعية في جامعة تشرين، والإعلام في جامعة دمشق، عملت كمراسلة صحفية لعدد من المجلات السورية والعربية، صدرت لها مجموعتان شعريتان (بائعة الهندباء- دروب المنى).
جريدة الوحدة التقتها وحاورتها حول تجربتها الشخصية والشعرية وإصداراتها:

إن التجربة الحياتية لأي مبدع هي جسر يعبره ويعبر بأسلوبه المتميز عن عالمه الروحي ونظرته لما يحيط حوله، إن العمل الأدبي إذا لم يكن متدفقاً كتدفق الدم في شرايين الأحياء فهو ليس بعمل ناجح ولا يترك أثراً عند المتلقين، فمن جمر الدموع تتأجج نار الحروف ومن برق الهموم يتشكل غيث المعاني وتهطل صور الإبداع هطول الغيث على الأرض العطشى، وأضافت: أنا من أسرة ريفية كان والدي (رحمه الله) جندياً في الجيش العربي السوري العظيم شارك بمعارك الشرف والعزة في حرب تشرين التحريرية 1973 وكان يقص علينا قصص البطولة قصصاً تعطرت برائحة تراب بلادي الغالي فتغلغل بأنفاسي عشق الوطن ولم أكن أنام وأخوتي إلا بعد سماع حكايات من والدي حكايات عن الخير والمحبة والتضحية والعطاء… وتنقلنا من مكان سكن إلى آخر إلى أن استقر بنا الحال في مسقط رأسي سنجوان.

أيام الطفولة كانت رائعة وجميلة كجمال ربيع الوادي في قريتي والساقية وعين جرون ونبع الجقل ونبع البعور وخربة سالم وكرم الحواط والمندلي والجورة والشكارة وعين الحج، كل تلك الربوع في قريتي سنجوان لا أنساها ولا أنسى الفراشات والزهور الصفراء والحمراء فكل رفاق الطفولة كانوا يصنعون من تلك الزهور خواتم وأساور وأنا كنت أصنع من تلك الزهور الصفراء تاجاً.. لا أنسى قطيع الغنم الذي كنا نسوقه بفرح ونركض ونلهو معه فكان لكل واحد منا خاروف يعتني به وينظفه ويمشط صوفه، وقبل كل عيد كان والدي يبيع الخراف ويعطينا العيدية ونضعها بكيس مصنوع من القماش كانت أيام جميلة وحلوة أيام مرت لتأتي بعدها أيام حزن وهموم وفقر وتغيرت الحال والأحوال بوفاة والدي واضطرت أسرتي للسكن بغرفة دون سقف واقتربت أيام الشتاء وبردها وبقينا دون سقف إلى أن جاء والد صديقتي حاملاً (شادر) غطاء مصنوعاً من القماش والنايلون ووضعه فوق غرفتنا ومرت سنوات وبدأ ذاك السقف بالاهتراء فلكل شيء عمر ويفنى، وكان لا بد من أن أجد حلاً أو أعمل عملاً لأحصل على المال ونبني غرفتنا ونضع لها سقفاً إسمنتياً كانت أمي تجوب البراري وبرفقتها أخي الأصغر (عهد) ويقطفون الهندباء والخبيزة والجرجير وغيرها من الأعشاب البرية ويذهبون لبيعها على أرصفة المدينة، وأضافت: كنت أهتم بدراسة إخوتي الصغار وذات صباح وأنا أستمع لإذاعة دمشق وقد أعلنت المذيعة عن مسابقة لإعداد سيناريو وإرساله إلى عنوان الإذاعة وبدأت بإعداد سيناريو لقصة بعنوان (هذا ما بقي منه) وهي مجموعة الأنبوسة البيضاء للكاتب الكبير حنا مينا وأنهيت عملي بيوم واحد وأرسلتها وتم قبول السيناريو وكانت أول مرة أتقاضى فيها مالاً لنتاج أدبي وبدأت حياتي تترك أثراً كبيراً على أعمالي الأدبية فتلك الحياة الصعبة رسمت لي دروب المنى وصرت أعمل بجد واجتهاد لتحقيق أحلامي وأحلامي لم تكن لأهداف شخصية بل كانت أحلام تحقق سعادة المتعبين والفقراء من حولي.
أكثر ما ترك في ألم لا ينسى هي دموع أمي بائعة الهندباء السيدة المكافحة في سبيل عيش أبنائها.
وحول تجربتها الشعرية وباكورة أعمالها الأدبية قالت: باكورة أعمالي (بائعة الهندباء) و( دروب المنى) المجموعة الشعرية بائعة الهندباء قدمت الإهداء لوالدتي التي كافحت لأجل لقمة عيشنا حتى كبرنا ونلنا التحصيل العلمي العالي.
اسم المجموعة ارتبط باسم أطلقته على والدتي المكافحة التي كانت تقهرني دموعها حين يتم مصادرة ما وضعته على الرصيف من أعشاب لتبيعه وتحصل على مال يسير يسد أفواه أبنائها.. رتبت رحلة الإبداع في مجموعة بائعة الهندباء (لا تقهروا الهندباء- نشوة الحلم- شمس الليل- قهوتي وتبغي- كان الوقت قبل الفجر- جمرة عشق- أعدك- حروفه سفينة- كان الشوق في قلبي- اعتقلوا- نهضت من بين الرماد- مع ساعي الورد- هل استيقظت- لن تجد أحياء- 45 تلميذاً- أنا وأنت- لا تتهموا الذئب- وجه الفقير- طريقة حبي وغيرها من قصائد وكلمات ففي قصيدة حدائق حروفي:
حائرون ويتساءلون
من أين أقطف حروفي؟!ّ
من كل قلبي أضحك
من كل قلبي أجيب:
مليون آه وآه
صرختُ
أوجاع الولادة… كانت..
هل أنا المولود؟!
أم أنا الولادة؟!
بين هذا الألم
وهاك الألم
أضعت دروب السعادة
أما مجموعتي الشعرية الثانية (دروب المنى) أهديتها إلى رفيقة دربي وصديقة طفولتي (رحمها الله) وديعة علي طراف الملقبة (ميساء) التي تستحق الوفاء بالوفاء التي علمت بحالنا في زمن البرد القارس والفقر فكتبت دروب المنى:
على دروب روحكِ…
أمشي دروب
المنى..
من زمنٍ عتيق.. وروحي
في كل زمان.. في كل مكان
روحي عابر سبيل
يا صديقتي
أرتلُ أمنياتي.. بين الألقِ.. والأرق
بين الحزن والفرح
في غياهب.. التساؤل
من وجع القدر.. أعزي نفسي
وفي الغروب.. أكفن أوجاعي..
أتحرر.. وأستريح
وأردفت بالقول:
بدأت ألقي في قصيدة (ألقى) وزاد شوقي أكثر وأكثر لتحقيق الأمنيات والتفاني لأجلها وتحسين الحال والأحوال فجاءت قصيدة (يرتدي قلبي الاشتياق) ولكن أول قصيدة كتبتها وبعد سنوات رأت النور بعد نشرها في جريدة الوحدة وكنت حينها في الصف الأول الإعدادي (سوف أترك الشعر)
سوف أترك الشعر
سوف أرحل عنه بعيداً
سوف أترك قلمي قبل أن
يصبح لي صديقاً
سوف أرمي أوراقي البيضاء.. للريح
وعن سؤال من أين تستوحي أشعارك وما هي موضوعاتها؟!
أستوحي أشعاري من هموم الناس وأوجاعهم وأفراحهم وأحزانهم من أحلامي من إرادتي وتصميمي من الوطن وأمجاده وانتصاراته، أما مواضيع أشعاري فكل قصيدة كتبتها عنوانها يدل على مضمونها فمثلاً قصيدة (لا تتهموا الذئب) تحدثت عن طفلة مشردة في الشوارع جميع أقرانها يلبسون ثياب العيد ويلعبون بألعابهم إلا هي تحلم بالفرح والعيد.
وعن بداياتها الشعرية قالت الشاعرة الوجدانية: بدأت بوادر الشعر منذ نعومة أظفاري، مضيفة: لا زال في أرشيف مكتبتي أول قصيدة نشرتها بجريدة الوحدة ذلك المنبر الإعلامي وكتبت لعدة سنوات في زاوية (وقال البحر).

يسرا أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار