العدد: 9480
الاثنين: 2-12-2019
غالباً ما نقع في أخطاء ومشاكل قد تصل إلى درجة الجرم القانوني نتيجة جهلنا بالأنظمة والقوانين ونردد عبارة (القانون لا يحمي المغفلين)، لنحذر بعضنا البعض ونؤكد على أهمية اكتساب الثقافة والمعرفة القانونية والتي تتحوّل عند الالتزام بها إلى قيم اجتماعية تعزز سلامة الفرد والمجتمع وتنظم العلاقات وتحمي الحقوق وتطوّر البيئات المادية.
عند الحديث عن أي خلل في المعارف أو المهارات التي يجب أن يمتلكها الأفراد غالباً ما نوجه سهامنا باتجاه المؤسسة التربوية ونحمّلها مسؤولية تعريف المواطن بالتفاصيل القانونية المتعلقة بحياته ونحمّلها مسؤولية غرس قيم احترام القانون ومهارات تعرّف الحقوق وتحمّل المسؤوليات والمخاطر التي يتعرّض لها نتيجة عدم فهم القوانين ،لأنّ الخلل في المفاهيم القانونية سينعكس على المستقبل وسينعكس على المجتمع.
يصل الطالب إلى الصف الأول الثانوي فيختار التخصص (العلمي أو الأدبي) بناءً على نوع الدراسة التي يريدها والتي ستحدد مجال حياته في المستقبل، وقد نشرت سابقاً مقالاً حول مادة التربية الدينية وماهي المعايير التي يجب أن يحققها طالب الشهادة الثانوية ليلتحق بكليات الشريعة وكيف نلزم الطالب بأخلاقيات مادة مستثناة من المجموع العام؟ وسأنتقل إلى مادة وتخصص هام.
فالكثير من طلاب الشهادات الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي يطمحون للدخول إلى كليات الحقوق فمنهم من يحلم بأن يكون قاضياً أو محامياً أو ضابطاً في كليات الشرطة أو…..
ولا يوجد منطقة أو ناحية أو مدينة إلاّ وفيها دار للقضاء، كما لا توجد مديرية أو مؤسسة إلاّ وفيها دائرة للشؤون القانونية.
وهنا أشير إلى أهمية قرار السيد وزير التربية وأشير إلى توصيات مؤتمر التطوير التربوي القرار الذي أكد على بناء منظومة متكاملة لإدماج المفاهيم القانونية في المناهج التربوية .حيث بدأ العمل وتشكلت اللجان المختصة وبدأ التنسيق مع المختصين لوضع قواعد وأسس واضحة تعزز ثقافة احترام القانون وشرح الأسباب الموجبة لبناء هذه المنظومة ،وأهمية مشاركة المعلم في عملية التعلّم الإدراكي والوجداني والاجتماعي والسلوكي لضمان تطبيق جيد لهذه المفاهيم وتحويلها إلى قيم مجتمعية تعزز سلامة الفرد وتحمي حقوقه وهناك الكثير من القوانين المتعلقة بالحياة والدور الذي نمارسه في المجتمع، فمنها ما هو متعلق بالسرعة الزائدة وقوانين المرور، ومنها متعلق بقضايا الغش والاحتيال والنصب والتزوير والذم والقدح والقتل وقوانين الأحوال الشخصية و الجرائم الالكترونية وقوانين الانتخابات وأهميتها وآليات صيانة المال العام والممتلكات العامة ومكافحة التسول وعمالة الأطفال وأنواع المحاكم والحق العام والنيابة العامة والادعاء الشخصي ومذكرات التوقيف والإحضار والشاهد والوثائق القانونية وقانون العقوبات..
وقد بدأت ورشات العمل في مركز تطوير المناهج في وضع الخطط المناسبة لبناء هذه المنظومة الهامة لنصل إلى مناهج متكاملة تحقق معايير الجودة الشاملة.
وهناك توجه إلى تضمين الأنشطة الصفية واللاصفية المفاهيم القانونية وفق مصفوفة تناسب الفئات العمرية، وأن يكون هناك زيارات لدور القضاء وللمحاكم بأنواعها للتعرف على أقسامها ودور كل قسم منها.
قمت مؤخراً بوضع خطة لنشاط تربوي بالاتفاق مع تربويين من حلب ودرعا وطرطوس واللاذقية لتنفيذ نشاطاً عن طريق المسرح أو لعب الأدوار لبناء قاعات محكمة في المدارس يكون الأطفال هم الأعضاء فيها ويتم اختيار الأطفال ممن لديهم رغبة في امتهان مهنة القانون في المستقبل أو ممن لديهم الأدوات من مراجع ومصادر واتفقنا على البدء بكتب الدراسات الاجتماعية للصفوف من (1-6) وفي وحدة (حقوقي) والهدف من النشاط إكساب المفاهيم القانونية بطريقة شيقة وممتعة وتناسب ميول المتعلمين ورغباتهم.
وكما أصبح لدينا برلمان طفلي ممكن أن يكون لدينا قاضٍ وأعضاء محكمة في كل مدرسة توكل إليهم مهمة فض الخلافات والدفاع عن الحقوق ونشر الثقافة القانونية بالأنظمة المدرسية وتصميم برامج توعية لأهمية الحفاظ على الممتلكات العامة والمال العام وقوانين الانتخابات و…
نحن نسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء مستقبل يليق بالجهود المبذولة وبالدماء التي صنعت نصراً وعزةً وشموخاً لوطنٍ يستحق أن يعود إلى ركب الحضارة وكم نحتاج في المستقبل لمن يدافع عن حقوقنا المغتصبة وعن معاملنا التي سُرقتها وعن دمائنا التي سُفكت وعن أحلامنا التي حاولوا سرقته.
لكن هيهات لطالما نمتلك الإرادة والحكمة والقيادة الواعية ،فنحن من سيرسم الخارطة والطريق الذي نريده لأننا نعرف ما نريد وكيف نصل إلى ما نريد.
باسم إبراهيم شرمك