الــــرّواية بين ازدواجـــية النـــصّ المكــتوب والعــرض التلفزيونــي

العدد: 9478

الخميس:28-11-2019


 

 

ينتمي الأبطال في المسلسلات التلفزيونية إلى رواياتٍ وقصصٍ خيالية أو واقعية أبدع كتّابها في صياغة أحداثها ووقائعها، ما يسهم في إغناء هذه المسلسلات وزيادة تشويقها، خاصةً إذا كانت مقتبسة من روايةٍ عالمية أو ذات صيتٍ وانتشارٍ كبيرين، ما يحقّق للمسلسل الدرامي مزيداً من الحضور والانتشار، لكنه يطرح تساؤلاتٍ عدّة: هل تفتقد الدراما للكتّاب والمؤلّفين التلفزيونيين؟ وهل هناك شحّ في كتّاب السيناريو؟ أم مردّه عزوف الكتّاب أنفسهم عن الكتابة للتلفزيون وما يتبعه من أخطاء وتحوير في مجريات أحداث رواياتهم بما يتلاءم والنصّ التلفزيوني المطلوب منهم استيفاء شروطه.
لكن تختلف آراء النقّاد بين مشجّعٍ ومخالفٍ للفكرة، حُججهم في ذلك كثيرة، منها أن العرض التلفزيوني أكثر انتشاراً وأسرع وصولاً إلى المشاهد، ويمكن التعرّف على آراء الجمهور بعد العرض مباشرةً.

 

لكنّ المطبّ الذي من الممكن أن يقع فيه النصّ هو طريقة تحويله والأمانة والمصداقية في ذلك، وقدرة المخرج والمنتج وكادر العمل التلفزيوني من ممثلين وفنيين وسواهم على التعامل مع أي نصّ، وتقمّص شخصيات الرواية ونقل أدقّ تفاصيلها دون أن تغيب عنهم أيّ جزئية، كي لا يصطدم الجمهور بالعرض، علماً أنّ بعض المسلسلات أبدع ممثّلوها في مجاراة أحداث الرواية وشخصياتها، فزادوها ألقاً وانتشاراً، فيما نجد بعض المسلسلات لم تنصف رواياتها المقتبسة منها، لا بل شوّهتها وأساءت إلى مؤلّفيها، وشتّتت الجمهور، وأضاعت وهجها وألقها، ولا ننسى أن هناك الكثير من القصص والروايات الشعبية كالزير سالم مثلاً، جاءت كدراما أقوى وأكثر تأثيراً على الجمهور، كذلك حال الروايات الدينية والتاريخية الواقعية.
حتى قصص الخيال ككليلة ودمنة وألف ليلة وليلة جذبت الجمهور وشدّته على مدار حلقات العرض، مع ما احتوته من تشويق وإثارة ومبالغة أحياناً في تحوير النصوص لكنها لاقت القبول والمشاهدة.
ورغم أن للنصّ المكتوب خصوصية وشخصية اعتبارية لها مواصفاتها، والنصّ الدرامي المحوّل والمعروض له خصائصه ومميزاته، لكن يصعب الدمج والخلط بينهما إلا بأيادٍ مبدعة قادرة على الابتكار والتميز.
فالنصّ الروائي والقصصي إن كان بأيادٍ أمينة حقّق لكاتبه مزيداً من الانتشار ليس على المستوى المحلي بل العربي والعالمي أحياناً، سيّما وأننا في زمن الصورة ووقعها أقوى من الكلمة في كثيرٍ من الأحيان، ولا ننكر ابتعاد الجمهور عن قراءة الروايات والقصص مع التطور التكنولوجي الهائل، وعزوفه عن شرائها في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الراهنة، بينما متابعة أي عملٍ دراميّ لا يكلّف صاحبه أي مبلغ مالي.
في الختام لابدّ من إنصاف الرواية وكاتبها وحفظ حقوقه الفكرية والأدبية وعدم تشويه نتاجه الأدبي، لتكتمل الصورة مع عرض دراميٍّ لائقٍ يحقق له مزيداً من الشهرة أو يقدّمه إلى عالم الشهرة والأضواء.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار